1053 - 52 حدثنا أحمد بن محمد بن شريح ، حدثنا قال : حدثنا محمد بن رافع النيسابوري ، إسماعيل بن عبد الكريم ، حدثني قال : سمعت عبد الصمد ، وهبا - رحمه الله تعالى - يقول : آدم إلى الأرض ، فرأى سعتها ، ولم ير فيها أحدا غيره ، قال : رب ، ما لأرضك هذه عامر يسبح بحمدك ، ويقدس لك ؟ قال تبارك وتعالى : " سأجعل فيها بيوتا ترفع بذكري يسبح فيها خلقي ، ويذكر فيها اسمي ، وسأجعل من تلك بيتا أخصه بكرامتي ، وأوثره باسمي ، وأسميه بيتي أنطقه بعظمتي ، وأحوزه بحرماتي ، ولست أسكنه ، ولا ينبغي لي أن أسكن [ ص: 1588 ] البيوت ، ولا ينبغي لها أن تسعني ، ولكن وضعت جلالي ، وعظمتي على عرشي ، فهو الذي استقل بعظمتي ، وعليه وضعت جلالي ، ثم أنا مع ذلك في كل شيء ، ومع كل شيء أجعل ذلك البيت حرما آمنا أحرم بحرمته من حوله ، ومن تحته ، ومن فوقه ، فمن حرمه بحرمتي استوجب بذلك كرامتي ، ومن أخاف أهله فيه ، فقد أخفر ذمتي ، وأباح حرمتي ، أجعله أول بيت وضع للناس ببطن مكة مباركا ، يأتونه شعثا غبرا ، ( وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) يرجون بالتلبية رجيجا ، ويثجون فيه ثجيجا ، ويعجون بالتكبير عجيجا ، من اعتمره لا يريد [ ص: 1589 ] غيره ، فقد وفد لي ، ونزل بي ، وضافني ، وحق للكريم أن يكرم وفده ، وأضيافه ، وأن يسعف كلا بحاجته ، تعمره يا آدم ، ما دمت حيا ، ثم تعمره الأمم ، والقرون ، والأنبياء من ولدك أمة بعد أمة ، وقرن بعد قرن حتى ينتهي ذلك إلى نبي من ذلك ، فهو خاتم النبيين أخرجه من تهامة ، وأجعله من خزانه ، وحماته ، وسقاته ، يكون أمينا عليه ما كان حيا ، فإذا انقلب إلي وجدني قد ذخرت له من أجله وفضيلته مما يتمكن به القربة عندي ، وأفضل المنازل في دار المقام ، أجعل ذكر ذلك البيت ، وسناءه ، ومجده لنبي من ولدك هو قبل هذا النبي هو أبوه يقال له : إبراهيم أعافيه فيشكر ، وأبتليه فيصبر ، ويعدني فيصدق ، وينذر لي فيفي ، أعلمه مناسكه ، ومواقفه ، وأريه حله وحرامه ، وأنيط له سقايته ، أجعل إبراهيم إمام ذلك البيت ، وأهل تلك الشريعة ، يأتم به من ورد ذلك البيت من أهل السماوات ، وأهل الأرض يطلبون فيه آثاره ، ويتبعون فيه سنته ، ويهتدون فيه بهداه ، فمن فعل ذلك استكمل نسكه ، وأوفى نذره ، ومن لم يفعل ذلك منهم ضيع نسكه ، وأخطأ بغيته ، فمن سأل عني يومئذ أين أنا ، فأنا مع الشعث الغبر الموفين بنذورهم ، المستكملين مناسكهم ، المبتهلين إلى ربهم الذي يعلم ما يسرون ، وما يعلنون ، وليس هذا الأمر الذي ذكرت لك شأنه بزائد مما عندي من الملك والسعة إلا كما زادت قطرة من رشاش [ ص: 1590 ] وقعت في سبعة أبحر يمدها من بعدها أبحر لا تحصى ، بل القطرة أزيد في الأبحر من هذا الأمر في ملكي ، وسلطاني لما عندي من السعة ، وليس هذا الأمر لو لم أجعله بناقص شيئا مما عندي إلا كما نقصت ذرة وقعت في جميع تراب الأرض ، ورمالها ، وحصاها ، وجبالها ، بل الذرة أنقص في الأرض ، وترابها ، وجبالها من هذا الأمر لو لم أخلقه مما عندي من الملك والسعة " . " لما أهبط الله تعالى