255 - 66 قال جدي رضي الله عنه : قرأت على أبي يعقوب يوسف [ ص: 640 ] بن داود ، عن محمد بن يوسف التميمي ، قال : حدثني محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن آبائه : أن رجلين من كندة أصابا في جبل لهم يقال له بربر : بعض ألواح موسى عليه السلام ، وإذا في الألواح : " بسم الله الرحمن الرحيم ، هو أول الأولين ، وآخر الآخرين ، ثم ثم خلق الكرسي ، ثم خلق الهواء والظلمات سبعة آلاف سنة ، ولم يكن نور إلا نور ربنا تبارك [ ص: 641 ] وتعالى ، وخلق فيها ملائكة بلا أجنحة ، وكانوا ملائكة مقدسين ، وكان قولهم يومئذ التقديس ، فكانوا مخلوقين مقدسين بلا اسم سموا ، ثم بقي بعد ذلك تبارك وتعالى بلا شمس ولا قمر سبعة آلاف سنة ، واحتجب بنوره عن الملائكة ، ثم خلق من بعد الكرسي عرشه على الماء ، وخلق حوله الملائكة يسبحون بحمده ويرعدون من خيفته ، قال : فعند ذلك أمر البحرين فاصطكا : بحر الحياة ، وبحر اللجي ، فلم يزالا يصطكان حتى خرج من بينهما زبد ، فلم يزالا حتى خرج من ذلك الزبد نار ، فأوحى الله عز وجل عند ذلك إلى النار فأخرجت الزبد فصيرته أرضا ، وارتفع من النار دخان فسمكها سماء ، فكان مقدار خلقهن ستة أيام ، فقال لهن : ( إن الله تبارك وتعالى خلق قبل كل شيء القلم ، فكتب مقادير كل شيء ، ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين فقضاهن سبع سماوات في يومين ) .
وسبع أرضين ، ثم استوى فوق السماوات ، وأوحى في كل سماء أمرها ، ثم خلق في كل سماء ملائكة يسبحون بالبركات ، فقدر ربنا تبارك وتعالى لكل ملائكة من التسبيح رزقا بمقدار ما شاء ، لأنه حيث خلقهم الله تعالى فضل بعضهم على بعض درجات ، وذلك قوله فيما أنزل من كتابه : ( وأوحى في كل سماء أمرها ) ، وبارك فيها ، وقدر فيها أقواتها ، قال : ثم خلق ربنا تبارك وتعالى الدنيا سبعة آلاف سنة من قبل أن يخلق فيها آدم ، فكان فيها أمم كثيرة من الجن وغيرهم ، يعبدونه في الأرض ، فعند [ ص: 642 ] ذلك بعث الله عز وجل إلى جميع تلك الأمم إبليس - لعنه الله - قاضيا يقضي بين تلك الأمم ، لا يزول عن حكومة الله شيئا ، ليلا ولا نهارا ، فلبث بذلك ألف سنة ، فعند ذلك سمي حكما ، وأوحى الله عز وجل إليه باسمه ، فلم يكن عرف شيء من الخلق غيره ، فدخله من ذلك الكبر فاستعظم وتكبر ، فعند ذلك عتا عن أمر ربه ، فطغى ، وأطغى أهل مملكته ، فألقى بينهم العداوة ، والبغضاء ، والبأس ، فاقتتلوا عند ذلك ألفي سنة ، حتى جعلت خيولهم تخوض في دمائهم ، وذلك قوله عز وجل في كتابه : ( أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد ) ، وذلك قول الملائكة لربهم في ذلك حين سخط عليهم : ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون ) ، يعنون بالدماء ، فعند ذلك بعث الله عز وجل نارا من النار الموقدة فعذبهم بها ، قال : فلما رأى الخبيث ما نزل بهم من العذاب عرج عند ذلك إلى السماء ، فأقام عند الملائكة فجعل يعبد الله عبادة مجتهدة ، لم يعبده شيء من خلقه بمثل تلك العبادة ، قال : فلم يزل يعبد الله في السماء أربعة آلاف سنة ، وكان ربنا تبارك وتعالى قد أمر الملائكة أن يسجدوا لآدم ، فسجدوا أجمعين غيره ، تكبر واستعظم أن يطيع أو يسجد كما سجدت الملائكة ، فقال : ما منعك ألا تسجد لبشر خلقته بيدي ؟ ، قال : ( أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) [ ص: 643 ] وعبدتك أربعة آلاف سنة ، ثم تأمرني أن أسجد لبشر خلقته من حمأ مسنون ، قال : يا عبدي فإني لست أقبل من عبادتك شيئا إلا بالطاعة لعبدي هذا ، وبالسجود له ، قال : رب ! أعفني عن هذا ، وأنا أضعف لك العبادة بكل وجه ترضاه إلى أن يسمع من في السماوات والأرض ، فقال له : إني لست أقبل منك يا عبدي ! من عبادتك شيئا إلا بالطاعة لعبدي هذا أو بالسجود له ، فعند ذلك أبى أن يفعل فأمره ربه عز وجل بالخروج منها ، وأمر ملائكته أن يرجموه فعند ذلك سمي المرجوم ، وذلك قوله فيما أنزل من كتابه " ( فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم )