1833 - وحدثنا أبو طلحة أحمد بن محمد بن عبد الكريم الفزاري ، قال : حدثنا عبد الله بن خيبق ، قال : حدثنا قال : حدثنا يوسف بن أسباط ، قال : " كتب عامل سفيان الثوري ، رضي الله عنه إلى لعمر بن عبد العزيز عمر [ ص: 232 ] يسأل عن القدر ، فكتب إليه : فإنها لك بإذن الله عصمة ، ثم اعلم أنه لم يبتدع الناس بدعة إلا قد مضى قبلها ما هو دليل عليها ، أو عبرة فيها ، فإن السنة إنما سنها من قد علم ما في خلافها من الخطأ والزلل والحمق والتعمق ، فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم ، فإنهم عن علم وقفوا ، وببصرنا قد كفوا ، ولهم على كشف الأمور كانوا أقدر ، وبفضل ما فيه كانوا أولى ، فإن كان الهدى ما أنتم عليه لقد سبقتموهم إليه ، ولئن قلتم : إنما حدث بعدهم ما أحدثه إلا من ابتغى غير سبيلهم ورغب بنفسه عنهم ، فإنهم السابقون ، فقد تكلموا فيه بما يكفي ، ووصفوا منه ما يشفي ، فما دونهم من مقصر وما فوقهم من مجسر ، قد قصر قوم دونهم فجفوا ، وطمح عنهم أقوام فغلوا ، وإنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم ، كتبت تسأل عن الإقرار بالقدر ، فعلى الخبير بإذن الله وقعت ، ما أعلم أحدث الناس من محدثة ولا ابتدعوا من بدعة هي أبين أمرا ولا أثبت أثرا من الإقرار بالقدر ، لقد كان ذكره في الجاهلية الجهلاء ، يتكلمون به في كلامهم وفي شعرهم ، يعزون به أنفسهم على ما فاتهم ، ثم لم يزده الإسلام بعد إلا شدة ، ولقد ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير حديث ولا حديثين قد سمعه منه المسلمون ، فتكلموا به في حياته وبعد وفاته يقينا وتسليما لربهم وتضعيفا [ ص: 233 ] لأنفسهم أن يكون شيء لم يحط به علمه ولم يحصه كتابه ، ولم يمض فيه قدره ، وأنه مع ذلك لفي محكم كتابه لمنه اقتبسوه ، ولمنه تعلموه ، ولئن قلتم : لم أنزل الله عز وجل آية كذا ، ولم قال الله كذا ، لقد قرؤوا منه ما قرأتم ، وعلموا من تأويله ما جهلتم ، وقالوا بعد ذلك كله بكتاب وقدر ، ما قدر ، وما قدر يكن ، وما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، ولا نملك لأنفسنا ضرا ولا نفعا ، ثم رغبوا بعد ذلك ورهبوا " . أما بعد ، أوصيك بتقوى الله عز وجل ، والاقتصاد في أمره ، واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وترك ما أحدث المحدثون بعد ما جرت سنته وكفوا مؤونته ، فعليك بلزوم السنة ؛