حديث شجرة طوبى ، وصفة الجنة وسوقها
63 - حدثنا أبو هاشم عبد الغافر بن سلامة الحمصي ، قال : ثنا قال : ثنا محمد بن عوف الحمصي ، إسماعيل بن عبد الكريم ، قال : حدثني أنه سمع عبد الصمد ، يقول : إن في الجنة شجرة يقال لها طوبى ، يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها ، زهرها رياط ، وورقها برود ، وكثبانها عنبر ، وبطحاؤها ياقوت ، وترابها كافور ، ووحلها مسك ، يخرج من أصلها أنهار الخمر واللبن والعسل ، وهي مجلس أهل الجنة متحدث بينهم ، فبينا هم يتحدثون في مجلسهم إذ أتتهم ملائكة من ربهم يقودون نجبا مزمومة بسلاسل من ذهب وجوهها [ ص: 79 ] كالمصابيح من حسنها ، ووبرها كجزة المعزى من لينه ، عليها رحال ألواحها من ياقوت ، ودفوفها من ذهب ، وثيابها من سندس وإستبرق . وهب بن منبه ،
قال : فينيخونها ، ويقولون : إن ربنا أرسلنا إليكم لتزوروه وتسلموا عليه ، قال : فيركبونها وهي أسرع من الطائر ، وأوطأ من الفرس المفروش ، نجبا من غير تهيئة ، ذللا من غير رياضة ، يسير الرجل إلى جنب أخيه وهو يكلمه ويناجيه ، ولا تسبق أذن راحلة منها أذن صاحبتها ، ولا ركبة راحلة منها ركبة صاحبتها ، حتى إن الشجرة لتنحى عن طرقهم ؛ لئلا تفرق بين الرجل وبين أخيه ، قال : فإذا رأوه قالوا : اللهم أنت السلام ومنك السلام وحق لك الجلال والإكرام ، قال : فيقول ربنا تعالى عند ذلك : أنا السلام ومني السلام وعليكم حقت محبتي ورحمتي ، مرحبا بعبادي الذين خشوني بالغيب وأطاعوا أمري [ ص: 80 ] . فيأتون إلى الرحمن الرحيم ، فيسفر لهم عن وجهه الكريم حتى ينظروا إليه ،
فيقولون : ربنا إنا لم نعبدك حق عبادتك ، ولم نقدرك حق قدرك فأذن لنا بالسجود قدامك .
فيقول تعالى : إنها ليست بدار نصب ولا عبادة ، ولكنها دار ملك ونعيم ، وإني قد رفعت عنكم نصب العبادة ، فسلوني ما شئتم ، فإن لكل رجل منكم أمنيته ، فيسألونه حتى إن أقصرهم أمنية ، يقول : يا رب تنافس أهل الدنيا في دنياهم وتضايقوا فيها ، رب فآتني مثل كل ما كانوا فيه منذ يوم خلقتها إلى أن انتهت الدنيا .
فيقول الله تعالى : لقد قصرت بك أمنيتك ، ولقد سألت دون منزلتك ، هذا لك مني وسأتحفك بمنزلتك ؛ لأنه ليس في عطائي هلك ولا تصريد ، قال : ثم يقول : اعرضوا على عبادي ما لم تبلغه أمانيهم ولم يخطر لهم على بال فيعرضون عليهم حتى تقصر بهم أمانيهم في أنفسهم ، فيكون فيما يعرضون عليهم براذين مقربة على كل أربعة منها سرير من ياقوتة واحدة ، وعلى كل سرير منها قبة من ذهب مفرغة في كل قبة منها فرش من فرش الجنة طاهرة ، في كل قبة منها جاريتان من حور العين ، على كل جارية منهن [ ص: 81 ] ثوبان من ثياب الجنة ، وليس في الجنة لون إلا أنه فيها ولا ريح طيب ، إلا قد عبقتا به ينفذ ضوء وجوههما غلظ القبة حتى يظن من يراهما أنهما من دون القبة ، يرى مخها من فوق ساقها كالسلك الأبيض في الياقوتة الحمراء ، تريان لصاحبهما من الفضل على صاحبتيه كفضل الدر على الحجارة أو أفضل ، ويرى هو أفضالهما مثل ذلك ، ثم يدخل إليهما فيحييانه ، وتقبلانه ، وتعانقانه ، وتقولان له : والله ما ظننا أن الله تعالى يخلق مثلك ، ثم يأمر الله الملائكة فيسيرون بهم صفا في الجنة حتى ينتهي كل رجل منهم إلى منزله الذي أعد له " .