143  - أخبرنا  أحمد بن سليمان بن أيوب ،  ثنا  أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو بن صفوان ،   (ح) ، وأنبأ أحمد بن محمد بن إبراهيم ،  ثنا أحمد بن مهدي ،  وعبد الكريم بن الهيثم ،  قالوا : ثنا  أبو اليمان الحكم بن نافع ،  أخبرني  شعيب بن أبي حمزة ،  عن  [ ص: 289 ]  الزهري ،  أخبرني  عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ،  أن  عبد الله بن عباس  أخبره ، أن أبا سفيان بن حرب  أخبره : أن هرقل  أرسل إليه في ركب من قريش ، وكانوا تجارا بالشام  في المدة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ماد فيها  أبا سفيان ،  وكفار قريش فأتوه ، وهو بإيليا ،  فدعاهم في مجلسه ، وحوله عظماء الروم ثم دعاهم وترجمانه ، فقال : أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟ ، قال  أبو سفيان :  قلت : أنا أقرب إليه نسبا ، قال : أدنوه مني ، وقربوا أصحابه ، فاجعلوهم عند ظهره ، ثم قال لترجمانه : قل لهم : إني سائل هذا عن هذا الرجل فإن كذب فكذبوه ، قال  أبو سفيان :  فوالله لولا الحياء أن يأثروا علي كذبا لكذبته عنه ، قال : ثم كان أول ما سألني عنه أن قال : كيف نسبه فيكم ؟ ، قال : قلت : هو فينا ذو نسب ، قال : فهل قال هذا القول منكم أحد قبله قط ؟ ، قال : قلت : لا ، قال : فهل كان من آبائه من ملك ؟ ، قال : قلت : لا ، قال : فأشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم ؟ ، قلت : بل ضعفاؤهم ، قال : أيزيدون أم ينقصون ؟ ، قلت : بل يزيدون ، قال : فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه ؟ ، قال : قلت : لا ، قال : فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ ، قال : قلت : لا ، قال : فهل يغدر ؟ ، قلت : لا ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها ، قال : ولم يمكني كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه الكلمة ، قال : فهل قاتلتموه ؟ ، قلت : نعم ، قال : كيف كان قتالكم إياه ؟ ، قال : قلت : الحرب بيننا وبينه سجال ينال منا وننال منه ، قال : بماذا يأمركم ؟ ، قال : يقول : اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا واتركوا ما كان يقول آباؤكم ، ويأمرنا بالصلاة ، والصدقة ، والعفاف ، والصلة . 
فقال لترجمانه : قل له : إني سألتك عن نسبه فذكرت أنه فيكم ذو نسب ، وكذلك الرسل تبعث في نسب قومها ، وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول ؟ ، فذكرت أن لا ، فقلت : لو كان أحد منكم قال هذا القول قبله ؟ ، قلت : رجل يأتم بقول قيل قبله ، وسألتك هل كان من آبائه من ملك ؟ ، فذكرت أن لا ، فقلت : لو كان من آبائه ملك قلت : رجل يطلب ملك أبيه ، وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ ، فذكرت أن لا فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ، ويكذب على الله ، وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم ؟ ، فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه ، وهم أتباع الرسل ، وسألتك أيزيدون أم ينقصون ؟ ، فذكرت أنهم يزيدون ، وكذلك أمر الإيمان حتى يتم ، وسألتك أيرتد أحد منهم  [ ص: 290 ] سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه ، فذكرت أن لا ، وكذلك الإيمان حين يخالط بشاشته القلوب ، وسألتك هل يغدر ؟ ، فذكرت أن لا ، فكذلك الرسل لا تغدر ، وسألتك بم يأمركم ؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ، ولا تشركوا به شيئا ، وينهاكم عن عبادة الأوثان ، ويأمركم بالصلاة ، والصدقة ، والعفاف ، والصلة فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين ، وهو نبي قد كنت أعلم أنه خارج ، ولم أكن أظن أنه منكم ، ولو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه ، قال : ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى ، فدفعه إلى هرقل ،  قال : فقرأه فإذا هو : " بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد  عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين ، و ( يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا "   ) . الآية . قال  أبو سفيان :  فلما قال ما قال ، وفرغ من قراءة الكتاب كثر عنده الصخب ، وارتفعت الأصوات ، قال : وأخرجنا فقلت لأصحابي حين أخرجنا : لقد أمر أمر ابن أبي كبشة  إنه يخافه ملك بني الأصفر ، قال : فما زلت موقنا أن سيظهر حتى أدخل الله علي الإسلام ، وكان ابن الناطور   [ ص: 291 ] صاحب إيليا  وهرقل  سقفا على نصارى الشام  يحدث أن هرقل  حين قدم إيليا  أصبح يوما خبيث النفس ، فقال له بعض بطارقته : لقد أنكرنا هيئتك ، فقال ابن الناطور :  وكان هرقل  رجلا حزاء ينظر في النجوم فقال لهم حين سألوه : إني رأيت الليلة حين نظرت في النجوم ملك الختان ، قد ظهر فمن يختتن من هذه الأمة ، فقالوا : ليس يختتن غير اليهود فلا يهمنك شأنهم ، واكتب إلى مدائن ملكك فليقتلوا من فيهم من اليهود ، فبينا هم على أمرهم ذلك ، أتى هرقل  رجل أرسل إليه غسان  يخبره عن خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما استخبره هرقل ،  قال : اذهبوا فانظروا أمختتن هو أم لا ؟ 
فنظروا إليه فحدثوه أنه مختتن ، فسأله عن العرب أيختتنون ، فقال له : هم يختتنون ، فقال هرقل :  هذا ملك هذه الأمة قد ظهر ، وكتب هرقل  إلى صاحب له برومية ، وكان نظيره في العلم وسار هرقل  إلى حمص ،  فلم يرم حمص  حتى أتاه كتاب من صاحبه يوافق هرقل  على خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه نبي ، فأذن هرقل  لعظماء الروم في دسكرة له بحمص ،  ثم أمر بأبوابها فغلقت ، ثم اطلع فقال بينهم : يا معشر الروم ، هل لكم في الفلاح والرشد ، وأن يثبت  [ ص: 292 ] ملككم فتتبعوا هذا الرجل ؟ ، فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب ، فوجدوها قد أغلقت فلما رأى هرقل  نفرتهم ، وأيس من إيمانهم ، قال : ردوهم علي ، وقال : إني قلت مقالتي التي قلت أختبر بها شدتكم على دينكم ، فقد رأيت الذي أحب منكم فسجدوا له ، ورضوا عنه ، وكان ذلك آخر شأن هرقل .   ا ه . 
هذا حديث مجمع على صحته رواه صالح ،  ويونس ،   ومعمر .  ا ه . 
قال الناسخ : (آخر الجزء الأول من أجزاء الشيخ وأول الثاني) . 
 [ ص: 293 ]  [ ص: 294 ] أول الجزء الثاني 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					