215 - قال الكلبي : وأخبرني عبد الرحمن العامري ، عن أشياخ من قومه قالوا [ ص: 289 ] : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بسوق عكاظ ، فقال : ممن القوم ؟ قلنا : من بني عامر بن صعصعة ، قال : " من أي بني عامر ؟ قلنا : بنو كعب بن ربيعة قال : وكيف المنعة فيكم ؟ قلنا : لا يرام ما قبلنا ، ولا يصطلى بنارنا ، قال : فقال لهم : قالوا : ومن أي قريش أنت ؟ قال : من إني رسول الله ، فإن أتيتكم تمنعوني حتى أبلغ رسالة ربي ، ولم أكره أحدا منكم على شيء ؟ بني عبد المطلب ، قالوا : فأين أنت من بني عبد مناف ؟ قال : هم أول من كذبني وطردني ، قالوا : ، ولكنا لا نطردك ، ولا نؤمن بك ، ونمنعك حتى تبلغ رسالة ربك ، قال : فنزل إليهم القوم يتسوقون إذ أتاهم بجرة بن قيس القشيري ، فقال : من هذا الذي أراه عندكم أنكره ؟ قالوا : محمد بن عبد الله القرشي قال : ما لكم وله ؟ قالوا : زعم لنا أنه رسول الله يطلب إلينا أن نمنعه حتى يبلغ رسالة ربه ، قال : فماذا رددتم عليه ؟ قالوا : قلنا في الرحب والسعة نخرجك إلى بلادنا ، ونمنعك مما نمنع به أنفسنا ، قال بجرة : ما أعلم أحدا من أهل هذه السوق يرجع بشيء أشر من شيء ترجعون به ، ثم بدأتم لتنابذ الناس ، وترميكم العرب عن قوس واحد قومه أعلم به لو آنسوا منه خيرا لكانوا أسعد الناس به ، تعمدون إلى رهيق قوم قد طرده قومه وكذبوه فتؤوونه ، وتنصرونه ؟ فبئس الرأي رأيتم ، ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : قم فالحق بقومك ، فوالله لولا أنك عند قومي لضربت عنقك ، قال : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ناقته فركبها ، فغمز الخبيث بجرة شاكلتها فقمصت برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فألقته وعند بني عامر يومئذ [ ص: 290 ] ضباعة بنت عامر بن قرط ، كانت من النسوة اللاتي أسلمن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بمكة جاءت زائرة إلى بني عمها ، فقالت : يا آل عامر ، ولا عامر لي ، أيصنع هذا برسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهركم لا يمنعه أحد منكم ؟ فقام ثلاثة نفر من بني عمها إلى بجرة ، واثنان أعاناه ، فأخذ كل رجل منهم رجلا ، فجلد به الأرض ، ثم جلس على صدره ، ثم علوا وجوههم لطما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم بارك على هؤلاء ، والعن هؤلاء ، قال : فأسلم الثلاثة الذين نصروه ، فقتلوا شهداء ، وهلك الآخرون لعنا .
واسم الاثنين نفر اللذين نصرا بجرة بن فراس : حزن بن عبد الله ، ومعاوية بن عبادة .
وأما الثلاثة الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فغطريف ، وغطفان ابنا سهل ، وعروة بن عبد الله .
أخبرناه عن يحيى بن صاعد قال : ثنا قال : ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري حدثني يحيى بن سعيد الأموي وفي رواية محمد بن السائب الكلبي ، قال : حدثني محمد بن إسحاق فلما صدر الناس رجعت الزهري : بنو عامر إلى شيخ لهم قد كان أدركته السن حتى لا يقدر أن يوافي معهم الموسم ، فكانوا إذا رجعوا إليه حدثوه بما يكون في ذلك الموسم ، فلما قدموا عليه في ذلك ، سألهم عما كان في موسمهم ، فقالوا : جاءنا ، فتى من قريش ، ثم حدث أنه أحد بني عبد المطلب ، يزعم أنه نبي يدعونا إلى أن نمنعه ، ونقوم معه ، ونخرج به معنا [ ص: 291 ] إلى بلادنا قال : فوضع الشيخ يده على رأسه ، ثم قال : يا بني عامر هل لها من تلاف ؟ هل لذناباها من مطلب ؟ فوالذي نفس فلان بيده ما تقولها إسماعيلي قط ، إلا أنها الحق ، فأين كان رأيكم ؟