[ ص: 199 ] nindex.php?page=treesubj&link=28889سورة الكافرون
وهي ست آيات
وهي مكية في قول
ابن مسعود والحسن وعكرمة . ومدنية في أحد قولي
ابن عباس وقتادة والضحاك وفي
الترمذي من حديث
أنس :
أنها تعدل ثلث القرآن . وفي كتاب ( الرد
nindex.php?page=showalam&ids=13742لأبي بكر الأنباري ) : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13593عبد الله بن ناجية قال : حدثنا
يوسف قال حدثنا
القعنبي وأبو نعيم عن
موسى بن وردان عن
أنس ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500608قل يأيها الكافرون تعدل ربع القرآن . ورواه موقوفا عن
أنس . وخرج الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=16390أبو محمد عبد الغني بن سعيد عن
ابن عمر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500609صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه صلاة الفجر في سفر ، فقرأ قل يأيها الكافرون . و قل هو الله أحد ، ثم قال : قرأت بكم ثلث القرآن وربعه . وروى
جبير بن مطعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500610 " أتحب يا جبير إذا خرجت سفرا أن تكون من أمثل أصحابك هيئة وأكثرهم زادا " ؟ قلت : نعم . قال : " فاقرأ هذه السور الخمس من أول nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1قل يا أيها الكافرون إلى - nindex.php?page=tafseer&surano=114&ayano=1قل أعوذ برب الناس وافتتح قراءتك ببسم الله الرحمن الرحيم " . قال : فوالله لقد كنت غير كثير المال ، إذا سافرت أكون أبذهم هيئة ، وأقلهم زادا ، فمذ قرأتهن صرت من أحسنهم هيئة ، وأكثرهم زادا ، حتى أرجع من سفري ذلك . وقال
فروة بن نوفل الأشجعي :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500611قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم - : أوصني قال : " اقرأ عند منامك قل يأيها الكافرون ، فإنها براءة من الشرك " . خرجه
أبو بكر [ ص: 200 ] الأنباري وغيره . وقال
ابن عباس : ليس في القرآن أشد غيظا لإبليس منها ؛ لأنها توحيد وبراءة من الشرك . وقال
الأصمعي : كان يقال لـ قل يأيها الكافرون ، وقل هو الله أحد المقشقشتان ؛ أي أنهما تبرئان من النفاق . وقال
أبو عبيدة : كما يقشقش الهناء الجرب فيبرئه . وقال
ابن السكيت : يقال للقرح والجدري إذا يبس وتقرف ، وللجرب في الإبل إذا قفل : قد توسف جلده ، وتقشر جلده ، وتقشقش جلده .
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=29080nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=3ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد ذكر
ابن إسحاق وغيره عن
ابن عباس : أن سبب نزولها أن
الوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل ، والأسود بن عبد المطلب ، وأمية بن خلف ؛ لقوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : يا
محمد ، هلم فلنعبد ما تعبد ، وتعبد ما نعبد ، ونشترك نحن وأنت في أمرنا كله ، فإن كان الذي جئت به خيرا مما بأيدينا ، كنا قد شاركناك فيه ، وأخذنا بحظنا منه . وإن كان الذي بأيدينا خيرا مما بيدك ، كنت قد شركتنا في أمرنا ، وأخذت بحظك منه ؛ فأنزل الله - عز وجل -
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1قل يا أيها الكافرون .
وقال
أبو صالح عن
ابن عباس : أنهم قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لو استلمت بعض هذه الآلهة لصدقناك ؛ فنزل
جبريل على النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه السورة فيئسوا منه ، وآذوه ، وآذوا أصحابه . والألف واللام ترجع إلى معنى المعهود وإن كانت للجنس من حيث إنها كانت صفة لأي ؛ لأنها مخاطبة لمن سبق في علم الله تعالى أنه سيموت على كفره ، فهي من الخصوص الذي جاء بلفظ العموم . ونحوه عن
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي : نزلت جوابا ، وعنى بالكافرين قوما معينين . لا جميع الكافرين ؛ لأن منهم من آمن ، فعبد الله ، ومنهم من مات أو قتل على كفره . ، وهم المخاطبون بهذا القول ، وهم المذكورون . قال
أبو بكر بن الأنباري : وقرأ من طعن في القرآن : قل للذين كفروا لا أعبد ما تعبدون ، وزعم أن ذلك هو الصواب ، وذلك افتراء على رب العالمين ، وتضعيف لمعنى هذه السورة ، وإبطال ما قصده الله من أن يذل نبيه للمشركين بخطابه إياهم
[ ص: 201 ] بهذا الخطاب الزري ، وإلزامهم ما يأنف منه كل ذي لب وحجا . وذلك أن الذي يدعيه من اللفظ الباطل ، قراءتنا تشتمل عليه في المعنى ، وتزيد تأويلا ليس عندهم في باطلهم وتحريفهم . فمعنى قراءتنا : قل للذين كفروا : يأيها الكافرون ؛ دليل صحة هذا : أن العربي إذا قال لمخاطبه : قل لزيد : أقبل إلينا ، فمعناه قل لزيد : يا زيد أقبل إلينا . فقد وقعت قراءتنا على كل ما عندهم ، وسقط من باطلهم أحسن لفظ وأبلغ معنى ؛ إذ كان الرسول - عليه السلام - يعتمدهم في ناديهم ، فيقول لهم : يأيها الكافرون . وهو يعلم أنهم يغضبون من أن ينسبوا إلى الكفر ، ويدخلوا في جملة أهله إلا وهو محروس ممنوع من أن تنبسط عليه منهم يد ، أو تقع به من جهتهم أذية . فمن لم يقرأ : قل يأيها الكافرون ، كما أنزلها الله ، أسقط آية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وسبيل أهل الإسلام ألا يسارعوا إلى مثلها ، ولا يعتمدوا نبيهم باختزال الفضائل عنه ، التي منحه الله إياها ، وشرفه بها .
وأما وجه التكرار فقد قيل إنه للتأكيد في قطع أطماعهم ؛ كما تقول : والله لا أفعل كذا ، ثم والله لا أفعله . قال أكثر أهل المعاني : نزل القرآن بلسان العرب ، ومن مذاهبهم التكرار إرادة التأكيد والإفهام ، كما أن من مذاهبهم الاختصار إرادة التخفيف والإيجاز ؛ لأن خروج الخطيب والمتكلم من شيء إلى شيء أولى من اقتصاره في المقام على شيء واحد ؛ قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=13فبأي آلاء ربكما تكذبان .
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=15ويل يومئذ للمكذبين .
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=4كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون . و
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=5فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا . كل هذا على التأكيد . وقد يقول القائل : ارم ارم ، أعجل أعجل ؛ ومنه قوله - عليه السلام - في الحديث الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500612فلا آذن ، ثم لا آذن ، إنما فاطمة بضعة مني . خرجه
مسلم . وقال الشاعر :
هلا سألت جموع كندة يوم ولوا أين أينا
وقال آخر :
يا لبكر أنشروا لي كليبا يا لبكر أين أين الفرار
وقال آخر :
يا علقمه يا علقمه يا علقمه خير تميم كلها وأكرمه
[ ص: 202 ] وقال آخر :
يا أقرع بن حابس يا أقرع إنك إن يصرع أخوك تصرع
وقال آخر :
ألا يا اسلمي ثم اسلمي ثمت اسلمي ثلاث تحيات وإن لم تكلم
ومثله كثير . وقيل : هذا على مطابقة قولهم : تعبد آلهتنا ونعبد إلهك ، ثم نعبد آلهتنا ونعبد إلهك ، ثم تعبد آلهتنا ونعبد إلهك ، فنجري على هذا أبدا سنة وسنة . فأجيبوا عن كل ما قالوه بضده ؛ أي إن هذا لا يكون أبدا .
قال
ابن عباس : قالت
قريش للنبي - صلى الله عليه وسلم - : نحن نعطيك من المال ما تكون به أغنى رجل
بمكة ، ونزوجك من شئت ، ونطأ عقبك ؛ أي نمشي خلفك ، وتكف عن شتم آلهتنا ، فإن لم تفعل فنحن نعرض عليك خصلة واحدة هي لنا ولك صلاح ، تعبد آلهتنا ( اللات والعزى ) سنة ، ونحن نعبد إلهك سنة ؛ فنزلت السورة . فكان التكرار في لا أعبد ما تعبدون ؛ لأن القوم كرروا عليه مقالهم مرة بعد مرة . والله أعلم . وقيل : إنما كرر بمعنى التغليظ . وقيل : أي لا أعبد الساعة ما تعبدون ولا أنتم عابدون الساعة ما أعبد . ثم قال : ولا أنا عابد في المستقبل ما عبدتم ولا أنتم في المستقبل عابدون ما أعبد . قاله
الأخفش nindex.php?page=showalam&ids=15153والمبرد . وقيل : إنهم كانوا يعبدون الأوثان ، فإذا ملوا وثنا ، وسئموا العبادة له ، رفضوه ، ثم أخذوا وثنا غيره بشهوة نفوسهم ، فإذا مروا بحجارة تعجبهم ألقوا هذه ورفعوا تلك ، فعظموها ونصبوها آلهة يعبدونها ؛ فأمر - عليه السلام - أن يقول لهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لا أعبد ما تعبدون اليوم من هذه الآلهة التي بين أيديكم .
ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=3ولا أنتم عابدون ما أعبد وإنما تعبدون الوثن الذي اتخذتموه ، وهو عندكم الآن .
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=4ولا أنا عابد ما عبدتم أي بالأمس من الآلهة التي رفضتموها ، وأقبلتم على هذه .
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=5ولا أنتم عابدون ما أعبد فإني أعبد إلهي . وقيل : إن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد في الاستقبال .
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=4ولا أنا عابد ما عبدتم على نفي العبادة منه لما عبدوا في الماضي .
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=29080ولا أنتم عابدون ما أعبد على التكرير في اللفظ دون المعنى ، من قبل أن التقابل يوجب أن يكون : ولا أنتم عابدون ما عبدت ، فعدل عن لفظ عبدت إلى أعبد ، إشعارا بأن ما عبد في الماضي هو الذي يعبد في المستقبل ، مع أن الماضي والمستقبل قد يقع أحدهما موقع الآخر . وأكثر ما يأتي ذلك في أخبار الله - عز وجل - .
وقال : ما أعبد ، ولم يقل : من أعبد ؛ ليقابل به ولا أنا عابد ما عبدتم وهي أصنام وأوثان ، ولا يصلح فيها إلا ما دون من فحمل الأول على الثاني ، ليتقابل الكلام ولا يتنافى . وقد جاءت ما لمن يعقل . ومنه قولهم : سبحان ما سخركن لنا .
[ ص: 203 ] وقيل : إن معنى الآيات وتقديرها : قل يأيها الكافرون لا أعبد الأصنام التي تعبدونها ، ولا أنتم عابدون الله - عز وجل - الذي أعبده ؛ لإشراككم به ، واتخاذكم الأصنام ، فإن زعمتم أنكم تعبدونه ، فأنتم كاذبون ؛ لأنكم تعبدونه مشركين . فأنا لا أعبد ما عبدتم ، أي مثل عبادتكم ؛ فما مصدرية . وكذلك ولا أنتم عابدون ما أعبد مصدرية أيضا ؛ معناه ولا أنتم عابدون مثل عبادتي ، التي هي توحيد .