غزوة ذات الرقاع
ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد إجلاء بني النضير بالمدينة شهر ربيع الآخر وبعض جمادى الأولى صدر السنة الرابعة بعد الهجرة. ثم غزا نجدا يريد بني محارب وبني ثعلبة بن سعد بن غطفان، واستعمل على المدينة أبا ذر الغفاري، وقيل: بل استعمل يومئذ عليها ، والأول أكثر. عثمان بن عفان
ونهض عليه السلام حتى نزل نخلا. وإنما وقيل: بل قيل لها ذات الرقاع لأنهم رقعوا راياتهم فيها. ويقال: ذات الرقاع شجرة بذلك الموضع تدعى ذات الرقاع. وقيل: بل الجبل الذي نزلوا عليه كانت أرضه ذات ألوان من حمرة وصفرة وسواد، فسموا غزوتهم تلك ذات الرقاع. والله أعلم. سميت هذه الغزوة ذات الرقاع لأن [ ص: 167 ] أقدامهم نقبت فكانوا يلفون عليها الخرق.
ولقي النبي صلى الله عليه وسلم بنخل جمعان من غطفان، فتواقفوا، إلا أنه لم يكن بينهم قتال. وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ صلاة الخوف. وقد أوضحنا اختلاف الروايات في التمهيد في وفي انصرافهم من تلك الغزوة هيئة صلاة الخوف يوم ذات الرقاع. أبطأ جمل ، فنخسه النبي صلى الله عليه وسلم، فانطلق متقدما بين الركاب ثم قال له: أتبيعنيه؟ فابتاعه منه، وقال: لك ظهره إلى جابر بن عبد الله المدينة . فلما وصل إلى المدينة أعطاه الثمن، ووهب له الجمل، لم يأخذه منه.
وفي هذه الغزاة أتى رجل من بني محارب بن خصفة ليفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم وشرط ذلك لقومه، وأخذ سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصلته بعد أن استأذنه في أن ينظر إلى السيف. فلما أصلته هم به، فصرفه الله عنه، ولحقه بهت، فقال: من يمنعك مني يا محمد ؟ قال: الله، فرد السيف في غمده، فقيل: فيه نزلت: ( يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم ) - الآية وقيل نزلت هذه الآية فيما أراد بنو النضير أن يفعلوا به من رمي الحجر عليه وهو جالس إلى حائط حصنهم [ ص: 168 ] .