غزوة خيبر
وأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد رجوعه من الحديبية ذا الحجة وبعض المحرم وخرج في بقية منه غازيا إلى خيبر ، ولم يبق من السنة السادسة من الهجرة إلا شهر وأيام، واستخلف على المدينة نميلة بن عبد الله الليثي - وذكر ، قال: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موسى بن عقبة المدينة منصرفه من الحديبية مكث عشرين يوما أو قريبا منها ثم خرج غازيا إلى خيبر ، وكان الله عز وجل وعده إياها وهو بالحديبية .
قال : أبو عمر
قال الله عز وجل في أهل الحديبية : ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما ) . فلم يختلف العلماء في أنها البيعة بالحديبية . قال ابن قتيبة وقتادة وغيرهم: كانت الشجرة سمرة كانت وعكرمة بالحديبية . وعلم ما في قلوبهم من الرضا بأمر البيعة على أن لا يفروا واطمأنت بذلك نفوسهم. (فأثابهم فتحا قريبا) : خيبر ، ووعدهم المغانم فيها (مغانم كثيرة يأخذونها). وقد روي عن ابن عباس ومجاهد في وعدكم الله مغانم كثيرة ) أنها المغانم التي تكون إلى يوم القيامة. وقالوا في قوله: [ ص: 197 ] ( قوله: ( وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها ) : فارس والروم وما افتتحوا إلى اليوم، وقال . قال: وقوله: ( عبد الرحمن بن أبي ليلى فتحا قريبا ) : خيبر .
رجع الخبر إلى ، قال: ابن إسحاق
فلما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى خيبر دفع رايته، وكانت بيضاء، إلى رضي الله عنه، وأخذ طريق علي بن أبي طالب الصهباء إلى وادي الرجيع، فنزل بين خيبر وغطفان لئلا يمدوهم، لأنه بلغه أن غطفان تريد إمداد يهود خيبر . ولما خرجوا لإمدادهم اختلفت كلمتهم. وأسمعهم الله عز وجل حسا من ورائهم وهدا راعهم وأفزعهم فانصرفوا إلى ديارهم، فأقاموا بها. وأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أشرف على خيبر مع الفجر، وعمالهم غادون بمساحيهم ومكاتلهم. فلما رأوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والجيش نادوا: محمد والخميس معه، وأدبروا هرابا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين. وتحصنت يهود في حصونهم وكانت حصونا كثيرة، فكان أول حصن افتتحوه حصنا يسمى "ناعما" وعنده قتل محمود بن مسلمة أخو ألقيت عليه رحى فشدخته، رحمه الله، ثم حصنا يدعى "القموص" وهو حصن بني أبي الحقيق، ومن سبايا ذلك الحصن كانت محمد بن مسلمة - وكانت تحت صفية بنت حيي بن أخطب كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق - أصابها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبنتي عم لها، صفية لدحية بن خليفة الكلبي ثم ابتاعها [ منه ] بسبعة أرؤس، ثم أردفها خلفه، وألقى عليها رداءه، فعلم أصحابه أنه اصطفاها لنفسه، وجعلها عند حتى اعتدت وأسلمت، ثم أعتقها وتزوجها، وجعل عتقها صداقها. أم سليم وهذه مسألة اختلف الفقهاء فيها فمنهم من جعل ذلك خصوصا له كما خص بالموهوبة، ومنهم من جعل ذلك سنة لمن شاء من أمته. فوهب
ثم فتح حصن الصعب بن معاذ ولم يكن في حصون خيبر أكثر طعاما [ ص: 198 ] وودكا منه. ووقف إلى بعض حصونهم فامتنع عليهم فتحه ولقوا فيه شدة، فأعطى رايته أبا بكر الصديق فنهض بها وقاتل واجتهد ولم يفتح عليه، ثم أعطى الراية عمر فقاتل ثم رجع ولم يفتح له وقد جهد. فحينئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ليس بفرار يفتح الله عز وجل على يديه. فلما أصبح دعا عليا، وهو أرمد، فتفل في عينيه، ثم قال: خذ الراية فامض بها حتى يفتح الله بها عليك. ذكر هذا الخبر ، قال، قال: حدثني ابن إسحاق بريدة بن سفيان بن فروة عن أبيه سفيان عن وذكر من حديث سلمة بن الأكوع، مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أبي رافع علي حين بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برايته إلى حصن من حصون خيبر ، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله وقاتلهم، فضربه رجل من يهود، فألقى ترسه من يده، فتناول علي بابا كان عند الحصن فترس به عن نفسه، فلم يزل في يده، وهو يقاتل، حتى فتح الله عليه، ثم ألقاه من يده، فلقد رأيتني في نفر معي سيفه وأنا ثامنهم نجتهد على أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه. خرجنا مع