الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي . [ ص: 75 ] بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ذي القدرة والجلال ، والنعم السابغة والإفضال ، الذي من علينا بمعرفته ، وهدانا إلى الإقرار بربوبيته ، وجعلنا من أمة خاتم النبيين ، السامي بفضله على سائر العالمين ، الطاهر الأعراق ، الشريف الأخلاق ، الذي قال الله الكريم مخاطبا له في الذكر الحكيم : ( وإنك لعلى خلق عظيم ) صلى الله عليه وسلم ، وأزلف منزلته لديه ، وعلى إخوانه وأقربيه ، وصحابته الأخيار وتابعيه ، وسلم عليه وعليهم أجمعين ، دائما أبدا إلى يوم الدين .
أما بعد : فقد ذكرت في كتاب " شرف أصحاب الحديث " ما يحدو ذا الهمة على تتبع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والاجتهاد في طلبها ، والحرص على سماعها ، والاهتمام بجمعها والانتساب إليها . ولكل علم طريقة ينبغي لأهله أن يسلكوها ، وآلات يجب عليهم أن يأخذوا بها ويستعملوها .
وقد رأيت خلقا من أهل هذا الزمان ينتسبون إلى الحديث ، ويعدون أنفسهم من أهله ، المتخصصين بسماعه ونقله ، وهم أبعد الناس مما يدعون ، وأقلهم معرفة بما إليه ينتسبون . يرى الواحد منهم إذا كتب عددا قليلا من الأجزاء ، واشتغل بالسماع برهة يسيرة من الدهر ، أنه صاحب حديث على الإطلاق ، ولما يجهد نفسه ويتعبها في طلابه ، ولا لحقته مشقة الحفظ لصنوفه وأبوابه . [ ص: 76 ]