372 - وكما أنا القاضي أبو بكر الحيري ، قالا : نا وأبو سعيد الصيرفي ، نا محمد بن يعقوب الأصم ، محمد بن عبيد الله بن أبي داود ، نا يونس : - هو ابن محمد المؤدب - ، نا حيان - يعني : ابن عبيد الله العدوي - قال : لاحق بن حميد أبو مجلز ، وأنا شاهد ، عن الصرف ، فقال : كان لا يرى به بأسا زمانا من عمره ، حتى لقيه ابن عباس فقال له : يا أبو سعيد الخدري ، ألا تتقي الله حتى متى توكل الناس الربا ؟ . . أما بلغك ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذات يوم ، وهو عند زوجته : " إني أشتهي تمر عجوة " ، وإنها بعثت بصاعين من تمر عتيق إلى منزل رجل من الأنصار ، فأوتيت بدلهما تمر عجوة ، فقدمته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعجبه ، فتناول تمرة ثم أمسك [فقال] : " من أين لكم هذا ؟ " قالت : بعثت بصاعين من تمر عتيق إلى منزل فلان ، فأتينا بدلهما من هذا الصاع الواحد ، فألقى التمرة من يده ، وقال : " ردوه ردوه ، لا حاجة فيه ، التمر بالتمر ، والحنطة بالحنطة ، والشعير بالشعير ، والذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، يدا بيد مثلا بمثل ليس فيه زيادة ولا نقصان ، فمن زاد أو نقص فقد أربا ، فكل ما يكال أو يوزن " ، أم سلمة فقال : ذكرتني يا أمرا نسيته ، استغفر الله [ ص: 373 ] وأتوب إليه ، وكان ينهى بعد ذلك - يعني : عنه - أشد النهي . أبا سعيد [سئل]
ولأن الصحابي قد ذكر ما روي إلا أنه يتأول فيه تأويلا يصرفه عن ظاهره ، كما تأولت أم المؤمنين في إتمام الصلاة في السفر ، وهى التي روت : عائشة " فرضت الصلاة ركعتين ، فزيد في صلاة الحضر ، وأقرت صلاة السفر " .
ولأنه لا يحل أن يظن بالصاحب أن يكون عنده نسخ لما روى أو تخصيص فيسكت عنه ، ويبلغ إلينا المنسوخ والمخصوص دون البيان ، لأن الله تعالى يقول : ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ) ، وقد نزه الله صحابة نبيه - صلى الله عليه وسلم - عن هذا .
[ ص: 374 ]