762 - أنا محمد بن أحمد بن عمر الصابوني ، أنا أبو سليمان : محمد بن الحسين بن علي الحراني ، أنا أحمد بن علي بن الحسن بن شعيب المدائني ، قال : قال المزني : " ويقال لمن حكم بالتقليد : هل لك فيما حكمت من حجة ؟ فإن قال : نعم ، أبطل التقليد ، لأن الحجة أوجبت ذلك عنده ، لا [ ص: 137 ] التقليد ، فإن قال : بغير حجة قيل له : فلم أرقت الدماء وأبحت الفروج وأتلفت الأموال ، وقد حرم الله كل ذلك فأبحته بغير حجة ؟ فإن قال : أنا أعلم أني قد أصبت ، وإن لم أعرف الحجة ، لأن معلمي من كبار العلماء ، ورأيته في العلم مقدما فلم يقل ذلك إلا بحجة خفيت عني ، قيل : لأنه لا يقول إلا بحجة خفيت عن معلمك ، كما لم يقل معلمك إلا بحجة خفيت عنك ؟ فإن قال : نعم ، ترك تقليد معلمه إلى تقليد معلم معلمه ، وكذلك من هو أعلى ، حتى ينتهي إلى العالم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن أبى ذلك : نقض قوله ، وقيل له : وكيف يجوز تقليد من هو أصغر وأقل علما ، ولا يجوز تقليد من هو أكبر وأكثر علما ، وهذا متناقض ؟ فإن قال : لأن معلمي ، وإن كان أصغر فقد جمع علم من فوقه إلى علمه ، فهو أبصر بما أخذ ، وأعلم بما ترك ، قيل : وكذلك من تعلم من معلمك ، فقد جمع علم معلمك ، وعلم من فوقه إلى علمه ، فلزمك تقليده ، وترك تقليد معلمك ، وكذلك أنت أولى أن تقلد نفسك من معلمك ، لأنك جمعت علمه ، وعلم من فوقه إلى علمك ، فإن قاد قوله : جعل الأصغر ومن يحدث من صغار العلماء أولى بالتقليد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكذلك على الصحابي تقليد من دونه ، وكذلك تقليد الأعلى الأدنى أبدا ، في قياس قوله ، مع ما يلزمه من تصويب من قلد غير معلمه في تخطئة معلمه ، فيكون بذلك مخطئا لمعلمه ، ولتقليده إياه " . فتقليد معلم معلمك أولى من تقليد معلمك ،
[ ص: 138 ]