[فصل]
: وقد تكلم مشايخ الصوفية في . فقال الخرق المرمية محمد بن طاهر الدليل على أن الخرقة إذا طرحت صارت ملكا لمن طرحت بسببه حديث جرير قال والدليل على أن جاء قوم مجتابي النمار فحض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة فجاء رجل من الأنصار بصرة فتتابع الناس حتى رأيت كومين من ثياب وطعام حديث الجماعة إذا قدموا عند تفريق الخرقة أسهم لهم أبي موسى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بغنيمة وسلب فأسهم لنا .
قال المصنف رحمه الله : لقد تلاعب هذا الرجل بالشريعة واستخرج بسوء فهمه ما يظنه يوافق مذهب المتأخرين من الصوفية . فإنا ما عرفنا هذا في أوائلهم وبيان فساد استخراجه أن هذا الذي خرق الثوب ورمى به إن كان حاضرا فما جاز له تخريقه وإن كان غائبا فليس له تصرف جائز شرعا لا هبة ولا تمليكا . وكذلك يزعمون بأن ثوبه كان كالشيء الذي يقع من الإنسان ولا يدري به فلا يجوز لأحد أن يتملكه وإن كان رماه في حال حضوره لا على أحد فلا وجه لتملكه ولو رماه على المغني لم يتملكه لأن التملك لا يكون إلا بعقد شرعي والرمي ليس بعقد : ثم نقدر أنه ملك للمغني فما وجه تصرف الباقين فيه . ثم إذا انصرفوا فيه خرقوه خرقا وذلك لا يجوز لوجهين : أحدهما أنه تصرف فيما لا يملكونه : والثاني أنه إضاعة للمال . ثم ما وجه إسهام من لم يحضر فأما حديث فقال العلماء منهم أبي موسى الخطابي يحتمل أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أجازه عن رضى ممن شهد الواقعة أو من الخمس الذي هو حقه . وعلى مذهب الصوفية تعطى هذه الخرقة لمن جاء . وهذا مذهب خارج عن إجماع المسلمين وما أشبه ما وضع هؤلاء بآرائهم الفاسدة إلا بما وضعت الجاهلية من أحكام البحيرة والسائبة والوصيلة والحام . قال ابن طاهر أجمع مشايخنا على أن الخرقة المخرقة وما انبعث من الخرق الصحاح الموافقة لها إن ذلك كله يكون بحكم الجمع يفعلون فيه ما يراه المشايخ . واحتجوا بقول عمر رضي الله عنه : الغنيمة لمن شهد الواقعة . وخالفهم شيخنا أبو إسماعيل الأنصاري فجعل الخرقة على ضربين . ما كان مجروحا قسم على الجميع وما كان سليما دفع إلى القوال واحتج بحديث سلمة من قتل الرجل ؟ [ ص: 255 ] قالوا : قال له سلبه أجمع . فالقتل إنما وجد من جهة القوال فالسلب له . سلمة بن الأكوع
قال المصنف رحمه الله انظروا إخواني عصمنا الله وإياكم من تلبيس إبليس إلى تلاعب هؤلاء الجهلة بالشريعة وإجماع مشايخهم الذي لا يساوي إجماعهم بعرة فإن مشايخ الفقهاء أجمعوا على أن الموهوب لمن وهب له سواء كان مخرقا أو سليما ولا يجوز لغيره التصرف فيه : ثم إن سلب القتيل كل ما عليه فما بالهم جعلوه ما رمي به ما ينبغي أن يكون الأمر على عكس ما قاله الأنصاري لأن المجروح من الثياب ما كان بسبب الوجد فينبغي أن يكون المجروح المغني دون الصحيح وكل أقوالهم في هذا محال وهذيان وقد حكى لي أبو عبد الله التكريتي الصوفي ، عن أبي الفتوح الإسفرايني وكنت أنا قد رأيته وأنا صغير السن وقد حضر في جمع كثير في رباط وهناك المخاد والقضبان ودف بجلاجل فقام يرقص حتى وقعت عمامته فبقي مكشوف الرأس قال التكريتي إنه رقص يوما في خف له ثم ذكر أن الرقص في الخف خطأ عند القوم فانفرد وخلعه ثم نزع مطرفا كان عليه فوضعه بين أيديهم كفارة لتلك الجناية فاقتسموه خرقا ، قال ابن طاهر : والدليل على أن الذي يطرح الخرقة لا يجوز أن يشتريها من الجمع حديث عمر لا تعودن في صدقتك .
قال المصنف : انظر إلى بعد هذا الرجل عن فهم معاني الأحاديث فإن الخرقة المطروحة باقية على ملك صاحبها فلا يحتاج إلى أن يشتريها .