[فصل]:
قال المصنف رحمه الله: ولا تخلو هذه الكتب التي دفنوها أن يكون فيها حق أو باطل أو قد اختلط الحق بالباطل. فإن كان فيها باطل فلا لوم على دفنها وإن كان قد اختلط الحق بالباطل ولم يمكن تمييزه كان عذرا في إتلافها فإن أقواما كتبوا عن ثقات وعن كذابين واختلط الأمر عليهم فدفنوا كتبهم. وعلى هذا يحمل ما يروى عن دفن الكتب عن وإن كان فيها الحق والشرع فلا يحل إتلافها بوجه لكونها ضابطة العلم وأموالا وليسأل من يقصد إتلافها عن مقصوده فإن قال تشغلني عن العبادة قيل له جوابك من ثلاثة أوجه: أحدها أنك لو فهمت لعلمت أن التشاغل بالعلم أو في العبادات. والثاني أن اليقظة التي وقعت لك لا تدوم فكأني بك وقد ندمت على ما فعلت بعد الفوات. واعلم أن القلوب لا تبقى على صفائها بل تصدأ فتحتاج إلى جلاء وجلاؤها النظر في كتب العلم. وقد كان سفيان الثوري دفن كتبه ثم لم يصبر على التحديث فحدث من حفظه فخلط، والثالث أننا نقدر تمام يقظتك ودوامها والغنى عن هذه الكتب فهلا وهبتها لمبتدئ من الطلاب ممن لم يصل إلى مقامك أو وقفتها على المنتفعين بها أو بعتها وتصدقت بثمنها أما إتلافها فلا يحل بحال. وقد روى يوسف بن أسباط المروزي أنه سئل عن رجل أوصى أن تدفن كتبه فقال ما يعجبني أن يدفن العلم. أحمد بن حنبل وأنبأنا عن ، محمد بن عبد الملك ويحيى بن علي قال أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت ، نا عبيد الله بن عبد العزيز البرادعي ، نا محمد بن [ ص: 318 ] عبد الله السحير ، ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن النحاس قال سمعت المروزي يقول: سمعت يقول لا أعرف لدفن الكتب معنى. أحمد بن حنبل