الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ذكر نبذة من كلامهم في القرآن.

أخبرنا أبو منصور بن عبد الرحمن بن محمد القزاز ، نا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت ، نا أبو القاسم عبد الواحد بن عثمان البجلي قال سمعت جعفر بن محمد الخلدي قال حضرت شيخنا الجنيد وقد سأله كيسان عن قوله عز وجل: ( سنقرئك فلا تنسى ) فقال الجنيد لا تنسى العمل به، وسأله عن قوله تعالى: ( ودرسوا ما فيه ) فقال له الجنيد تركوا العمل به، فقال لا يفضض الله فاك قلت: أما قوله - لا تنس العمل به - فتفسير لا وجه له والغلط فيه ظاهر; لأنه فسره على أنه نهي وليس كذلك إنما هو خبر لا نهي وتقديره - فما تنسى - إذ لو كان نهيا كان مجزوما فتفسيره على خلاف إجماع العلماء وكذلك قوله: ( ودرسوا ما فيه ) إنما هو من الدرس الذي هو التلاوة من قوله عز وجل: ( وبما كنتم تدرسون ) لا من دروس الشيء الذي هو إهلاكه. أخبرنا محمد بن عبد الباقي ، نا حمد بن أحمد ، ثنا أبو نعيم الحافظ قال سمعت أحمد بن محمد بن مقسم يقول حضرت أبا بكر الشبلي وسئل عن قوله عز وجل: ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ) فقال لمن كان الله قلبه. وأخبرنا عمر بن ظفر ، نا جعفر بن أحمد ، نا عبد العزيز بن علي ، نا ابن جهضم ، ثنا محمد بن جرير قال سمعت أبا العباس بن عطاء وقد سئل عن قوله: ( فنجيناك من الغم ) قال نجيناك من الغم بقومك وفتناك بنا عن من سوانا.

قال المصنف رحمه الله: وهذه جرأة عظيمة على كتاب الله عز وجل ونسبة الكليم إلى الافتتان بمحبة الله سبحانه. وجعل محبته تفتن غاية في القباحة.

[ ص: 321 ] أخبرنا أبو منصور القزاز ، نا أحمد بن علي الحافظ ، نا أبو حازم عمر بن إبراهيم العبدري قال سمعت أبا بكر محمد بن عبد الله الرازي يقول سمعت أبا العباس بن عطاء يقول في قوله عز وجل: { ( فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنت نعيم ) } فقال الروح النظر إلى وجه الله عز وجل والريحان الاستماع لكلامه وجنة نعيم هو أن لا يحجب فيها عن الله عز وجل. قلت: هذا كلام بالواقع على خلاف أقوال المفسرين وقد جمع أبو عبد الرحمن السلمي في تفسير القرآن من كلامهم الذي أكثره هذيان لا يحل نحو مجلدين سماها (حقائق التفسير) فقال في فاتحة الكتاب عنهم إنهم قالوا إنما سميت فاتحة الكتاب لأنها أوائل ما فاتحناك به من خطابنا فإن تأدبت بذلك وإلا حرمت لطائف ما بعد.

قال المصنف رحمه الله: وهذا قبيح لأنه لا يختلف المفسرون أن الفاتحة ليست من أول ما نزل، وقال في قول الإنسان آمين أي قاصدون نحوك.

قال المصنف رحمه الله: وهذا قبيح لأنه ليس من أم لأنه لو كان كذلك لكانت الميم مشددة. وقال في قوله: ( وإن يأتوكم أسارى ) قال قال أبو عثمان: غرقى في الذنوب. وقال الواسطي: غرقى في رؤية أفعالهم. وقال الجنيد أسارى في أسباب الدنيا تفدوهم إلى قطع العلائق. قلت: وإنما الآية على وجه الإنكار ومعناها إذا أسرتموهم فديتموهم وإذا حاربتموهم قلبتموهم وهؤلاء قد فسروها على ما يوجب المدح. وقال محمد بن علي ( يحب التوابين ) من توبتهم وقال النووي: ( يقبض ويبسط ) أي يقبضك بإياه ويبسطك لإياه. وقال في قوله: ( ومن دخله كان آمنا ) أي من هواجس نفسه ووساوس الشيطان. وهذا غاية في القبح لأن لفظ الآية الحبر ومعناه الأمر وتقديرها من دخل الحرم فأمنوه. وهؤلاء قد فسروها على الخبر ثم لا يصح لهم لأنه كم من داخل إلى الحرم ما أمن من الهواجس ولا الوساوس وذكر في قوله: ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه ) قال أبو تراب هي الدعاوى الفاسدة: ( والجار ذي القربى ) قال سهل هو القلب ( والجار الجنب ) النفس ( وابن السبيل ) الجوارح وقال في قوله: ( وهم بها ) قال أبو بكر الوراق الهمان لها ويوسف ما هم بها. قلت: هذا خلاف لصريح القرآن وقوله: ( ما هذا بشرا ) قال محمد بن علي ما هذا بأهل أن يدعى إلى المباشرة. وقال الزنجاني الرعد صعقات الملائكة والبرق زفرات أفئدتهم والمطر بكاؤهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية