[ ص: 157 ] 10 - فصل
[ ] أحكام أولاد أهل الذمة إذا بلغوا والمجنون إذا أفاق
فإذا بلغ الصبي من أهل الذمة ، وأفاق المجنون لم يحتج إلى تجديد عقد وذمة بل العقد الأول يتناول البالغين ومن سيبلغ من أولادهم أبدا ، وعلى هذا استمرت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنة خلفائه كلهم في جميع الأعصار حتى يومنا هذا ، لم يفردوا كل من بلغ بعقد جديد .
وقال : يخير البالغين والمفيق بين التزام العقد وبين أن يرد إلى مأمنه ، فإن اختار الذمة عقدت له وإن اختار اللحاق بمأمنه أجيب إليه . الشافعي
وقال القاضي في " الأحكام السلطانية " : وقول الجمهور أصح وأولى ، فإنه لم يأت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد خلفائه تجديد العقد لهؤلاء ، ولا يعرف أنه عمل به في وقت من الأوقات ولا يهمل الأئمة مثل هذا الأمر لو كان مشروعا .
ولأنهم دخلوا في العقد تبعا مع أوليائهم كما كانوا يدخلون في عقد الهدنة تبعا ، ولأنه عقد مع الكفار فلم يحتج إلى استئنافه لهؤلاء كعقد المؤمنين ، وكيف يجوز إلحاقه بمأمنه وتسليطه على محاربتنا بماله ونفسه ؟ وأي مصلحة للإسلام في هذا ؟ وأي سنة جاءت به وأي إمام عمل به ؟
[ ص: 158 ] وإذا أخذت منه الجزية في آخره معهم ، وإن كان في أثنائه أخذ منه في آخره بقسطه ولم يترك حتى يتم حوله لئلا يحتاج إلى إفراده لحول وضبط حول كل واحد منهم ، وذلك يفضي إلى أن يصير لكل واحد حول مفرد . كان البلوغ والإفاقة في أول حول قومه
وقال أصحاب مالك : وإذا بلغ الصبي أخذت منه عند بلوغه ، ولم ينتظر مرور الحول بعد بلوغه .
ووجه هذا أن بلوغه بمنزلة حصول العقد مع قومه .
وإذا صولحوا أخذت منهم الجزية في الحال ، ثم تؤخذ منهم بعد ذلك لكل عام ، كما فعل معاذ بأهل اليمن فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره حين بعثه إليهم أن يأخذ من كل حالم دينارا ، ثم استمر ذلك مؤجلا ، وهكذا فعل لما صالح أكيدر دومة وهكذا فعل خلفاؤه من بعده كانوا يأخذون الجزية من الكفار حين الصلح ثم يؤجلونها كل عام ، وهذا الذي أوجب لأبي حنيفة أن قال : " تجب بأول الحول " .