238 - وقد أومأ إلى هذا في كتاب الإبانة، فقال: التعجب على ضربين: أحدهما المحبة بتعظيم قدر الطاعة، والسخط بتعظيم قدر الذنب، ومن ذلك قول النبي، صلى الله عليه وسلم: أبو عبد الله بن بطة "عجب ربك من شاب ليست له صبوة" أي: أن الله محب له راض عنه، والتعجب على معنى الاستنكار للشيء ويتعالى عن ذلك، لأن الاستنكار هو الجاهل الذي لا يعرف فلما عرفه استنكره وعجب منه. قيل: الطريق الصحيح ما ذكرناه من حمله على ظاهره، وهو الأشبه بأصول أحمد في نظائره من الأخبار لما بينا، وهو أنه ليس في ذلك ما يحيل صفاته، وما ذكروه من التأويل لا يصح، لأن الله تعالى راض بذلك قبل وجود هذه الأفعال منهم، ومعظم لها قبل وجودها، فرضاه وتعظيمه لا يختص ما ذكر في الأخبار، فلم يصح حملها عليه، لأنه حمل على ما لا يفيد.
فأما قوله: "يقادون إلى الجنة بالسلاسل" فقيل فيه: أنه يكرهون الطاعة التي يصلون بها إلى الجنة، من حيث تخالف أهوائهم وشهواتهم، وتكرهها نفوسهم من حيث تشق عليهم، وتصدهم عن الراحات واللذات في الحال، لكنها سائقة لهم إلى الجنة، وهي دار الراحات.