261 - وقد أحمد في رسالته إلى إن الله، عز وجل، ينزل في كل ليلة إلى السماء الدنيا ولا يخلو من العرش. مسدد: فقد صرح قال أحمد بالقول إن العرش لا يخلو منه، وهكذا القول عندنا في قوله: ( وجاء ربك والملك ) والمراد به مجيء ذاته لا على وجه الانتقال. وكذلك قوله: ( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام ) المراد به مجيء ذاته لا على وجه الانتقال.
وقد حكينا كلام أحمد في ذلك في رواية أبي طالب وكلام وحنبل في الكلام على قول النبي، صلى الله عليه وسلم: "أتاني ربي في أحسن صورة"، وليس يمتنع أن نثبت له نزول ذات لا على وجه الانتقال لا يعقل معناه، وإن لم يعقل هذا في الشاهد، كما أثبتنا ذاتا ويدين ووجها وعينا لا يعقل معناه. أبي إسحاق
وقد عضد هذا الخبر القرآن، فذكر مقاتل في تفسيره في قوله تعالى: [ ص: 262 ] ( فإذا انشقت السماء ) بمعنى انفرجت، وهو البياض الذي في وسط السماء لنزول من فيها، يعني الرب والملائكة.
فإن قيل: المراد بقوله: "ينزل الله، تبارك وتعالى، "معناه ينزل من أفعاله التي هي ترغيب لأهل الخير وإقبال على أهل الأرض والاستعطاف، بالتذكير والتنبيه الذي يلقى في قلوب أهل الخير حتى يستغفروه، قيل: هذا غلط لوجوه، أحدها: أنه لم يكن غير مقبل فأقبل عليهم، بل [ ص: 263 ] كان مقبلا قبل ذلك، يبين صحة هذا قول النبي، صلى الله عليه وسلم: "لا يزال الله مقبلا على عبده في الصلاة". الثاني: أنه إن جاز تأويله على هذا، جاز تأويل قوله: "ترون ربكم" على الرؤية إلى رحمته. الثالث: أن في الخبر ما يسقط هذا وهو قوله: "هل من سائل فيعطى سؤله؟ [ ص: 264 ] هل من مستغفر فيغفر له؟" وهذه صفة تختص الذات، لا يصح وجودها من الرحمة والأفعال التي هي صفات قائمة بالذات.
فإن قيل: قوله "ينزل" معناه تنزل ملائكته بهذا النداء وبهذا الدعاء فيضاف ذلك إليه كما يقال: ضرب الأمير اللص، ونادى في البلد، ومعناه: أمر بذلك، وكذلك قوله: "ينزل عشية عرفة" يحمل على ملائكته وعلى نزول رحمته، قيل: هذا غلط لوجوه، أحدها: أن في الخبر: "ينزل ربنا، عز وجل"، وهذا لا يصح حمله على ملائكته، كما إذا قيل: نزل الملك ببلد كذا لا يعقل منه نزول أصحابه. الثاني: قد روي في بعض الألفاظ ما يسقط هذا.