460 - فإن قيل : فقد روى أنه
nindex.php?page=treesubj&link=30373_28707_31044_28988لما نزل قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=79عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) قالوا : يا رسول الله وما المقام المحمود ؟ قال : " هو الشفاعة " [ ص: 487 ] قيل : الرواية المشهور في تفسير هذا أنه الجلوس على العرش ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وابن مسعود
nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة ، وقد تقدم أسانيد هذه الأحاديث ، والمشهور في الرواية أولى مما شذ منها ، وعلى أنه لا يمتنع أن يكون المقام المحمود : الشفاعة والقعود على العرش ، لأن القصد من ذلك علو المنزلة
[ ص: 488 ] .
فإن قيل : فتفسير النبي صلى الله عليه وسلم أولى من قول
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
قيل : لم نعول في هذا على قول
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد وحده ، وقد روينا ذلك مفسرا عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وقول
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد في ذلك رجحان فإن قيل : قد قال الله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=42لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا ) فأخبر أن العرش لا يصل إليه أحد بالبدن ، وإنما يصل إليه بالأعمال .
قيل : ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=106ابن سلام عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة معناه : إذا يعرفوا له فضله عليهم ولابتغوا إليه ما يقربهم إليه وقال غيره معناه : لطلبوا إليه الوسيلة والقربة ، وهذا يدل على أن المقصود بالآية غير ما أرادوه من أنه لا يصل إليه أحد ، وإنما المراد به معنى آخر وهو التقرب إليه بالطاعات فإن قيل : فقوله : " يقعده على العرش " من أين لكم أنه عرش الرحمن ؟ وقد ذكر الله تعالى عرش بلقيس
[ ص: 489 ] قيل : هذا لا يصح ، لأن في خبر
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : " يجلسه معه على السرير " وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود :
" يقعده على كرسيه " فقيل له : إذا كان على كرسيه أليس هو معه ؟ فقال : " ويلكم هذا أقر حديث لعيني " وعلى أنه ذكر العرش بالألف واللام ، وهناك عرش معهود ، وهو عرش الرحمن بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=17ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=5الرحمن على العرش استوى ) والألف واللام ينصرفان إلى المعهود فلم يصح هذا التأويل .
فإن قيل : قوله : " يقعده " معناه يرفعه أرفع المقاعد عنده ، وهو معه بالنصرة والمعونة والمقاعد المقربة من الله تعالى كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40لا تحزن إن الله معنا ) وكما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=4إن الله يحب المتقين ) على معنى : النصرة والمعونة قيل : هذا غلط لوجوه : أحدها : أن الخبر أفاد رفعه على صفة وهو القعود على العرش والكرسي والثاني : أنه قال : " يقعده معه " ولفظة " مع " في اللغة للمقاربة الثالث : أنه لم يزل ناصرا له ومعينا ورافعا ، فوجب حمل هذه الفضيلة على فائدة مجددة تختص بذلك اليوم الرابع : أن هذا يسقط فائدة التخصيص بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه قد نصر
موسى ورفعه وغيره من الأنبياء ، فأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40لا تحزن إن الله معنا ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=4إن الله يحب المتقين ) فإن المراد بذلك النصرة ، لأن هناك دلالة حال ، وهو طلب المشركين وخوفهم منهم فبين أنني ناصر لكم عليهم وهذا معدوم ها هنا .
فإن قيل : أليس قد حكى
أبو محمد بن بشار ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد ، عن أبيه أنه كان يعرض عليه الحديث فيقول فيه : هذا رواه كذا وكذا رجل يسميهم ، فإذا عرض عليه حديث ضعيف قال له : اضرب عليه ، فعرض عليه حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد [ ص: 490 ] فضعفه فقال : يا أبة أضرب عليه ؟ فقال : لا ، هذا حديث فيه فضيلة فأجره على ما جرى ولا تضرب عليه ، وظاهر هذا أنه ضعفه قيل : هذه حكاية لا يرد بها ما نص عليه في مواضع .
460 - فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ رَوَى أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=30373_28707_31044_28988لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=79عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ) قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ ؟ قَالَ : " هُوَ الشَّفَاعَةُ " [ ص: 487 ] قِيلَ : الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورُ فِي تَفْسِيرِ هَذَا أَنَّهُ الْجُلُوسُ عَلَى الْعَرْشِ ، رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ
nindex.php?page=showalam&ids=25وَعَائِشَةُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَسَانِيدُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ، وَالْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ أَوْلَى مِمَّا شَذَّ مِنْهَا ، وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ : الشَّفَاعَةَ وَالْقُعُودَ عَلَى الْعَرْشِ ، لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ ذَلِكَ عُلُوُّ الْمَنْزِلَةِ
[ ص: 488 ] .
فَإِنْ قِيلَ : فَتَفْسِيرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ .
قِيلَ : لَمْ نُعَوِّلْ فِي هَذَا عَلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ وَحْدَهُ ، وَقَدْ رَوَيْنَا ذَلِكَ مُفَسَّرًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=25وَعَائِشَةَ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ فِي ذَلِكَ رُجْحَانٌ فَإِنْ قِيلَ : قَدْ قَالَ اللَّهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=42لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلا ) فَأَخْبَرَ أَنَّ الْعَرْشَ لَا يَصِلُ إِلَيْهِ أَحَدٌ بِالْبَدَنِ ، وَإِنَّمَا يَصِلُ إِلَيْهِ بِالْأَعْمَالِ .
قِيلَ : ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=106ابْنُ سَلَامٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ مَعْنَاهُ : إِذًا يَعْرِفُوا لَهُ فَضْلَهُ عَلَيْهِمْ وَلَابْتَغَوْا إِلَيْهِ مَا يُقَرِّبُهُمْ إِلَيْهِ وَقَالَ غَيْرُهُ مَعْنَاهُ : لَطَلَبُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَالْقُرْبَةَ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْآيَةِ غَيْرُ مَا أَرَادُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَيْهِ أَحَدٌ ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ مَعْنًى آخَرُ وَهُوَ التَّقَرُّبُ إِلَيْهِ بِالطَّاعَاتِ فَإِنْ قِيلَ : فَقَوْلُهُ : " يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ " مِنْ أَيْنَ لَكُمْ أَنَّهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ ؟ وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَرْشَ بِلْقَيْسَ
[ ص: 489 ] قِيلَ : هَذَا لَا يَصِحُّ ، لِأَنَّ فِي خَبَرِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ : " يُجْلِسُهُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ " وَفِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ :
" يُقْعِدُهُ عَلَى كُرْسِيِّهِ " فَقِيلَ لَهُ : إِذَا كَانَ عَلَى كُرْسِيِّهِ أَلَيْسَ هُوَ مَعَهُ ؟ فَقَالَ : " وَيْلَكُمْ هَذَا أَقَرُّ حَدِيثٍ لِعَيْنِي " وَعَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ الْعَرْشَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ ، وَهُنَاكَ عَرْشٌ مَعْهُودٌ ، وَهُوَ عَرْشُ الرَّحْمَنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=17وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ) وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=5الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ يَنْصَرِفَانِ إِلَى الْمَعْهُودِ فَلَمْ يَصِحَّ هَذَا التَّأْوِيلُ .
فَإِنْ قِيلَ : قَوْلُهُ : " يُقْعِدُهُ " مَعْنَاهُ يَرْفَعُهُ أَرْفَعَ الْمَقَاعِدِ عِنْدَهُ ، وَهُوَ مَعَهُ بِالنُّصْرَةِ وَالْمَعُونَةِ وَالْمَقَاعِدِ الْمُقَرَّبَةِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) وَكَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=4إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) عَلَى مَعْنَى : النُّصْرَةِ وَالْمَعُونَةِ قِيلَ : هَذَا غَلَطٌ لِوُجُوهٍ : أَحَدُهَا : أَنَّ الْخَبَرَ أَفَادَ رَفْعَهُ عَلَى صِفَةٍ وَهُوَ الْقُعُودُ عَلَى الْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ وَالثَّانِي : أَنَّهُ قَالَ : " يُقْعِدُهُ مَعَهُ " وَلَفْظَةُ " مَعَ " فِي اللُّغَةِ لِلْمُقَارَبَةِ الثَّالِثُ : أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ نَاصِرًا لَهُ وَمُعِينًا وَرَافِعًا ، فَوَجَبَ حَمْلُ هَذِهِ الْفَضِيلَةِ عَلَى فَائِدَةٍ مُجَدَّدَةٍ تَخْتَصُّ بِذَلِكَ الْيَوْمِ الرَّابِعُ : أَنَّ هَذَا يُسْقِطُ فَائِدَةَ التَّخْصِيصِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ قَدْ نَصَرَ
مُوسَى وَرَفَعَهُ وَغَيْرَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ، فَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=4إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) فَإِنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ النُّصْرَةُ ، لِأَنَّ هُنَاكَ دِلَالَةَ حَالٍ ، وَهُوَ طَلَبُ الْمُشْرِكِينَ وَخَوْفُهُمْ مِنْهُمْ فَبَيَّنَ أَنَّنِي نَاصِرٌ لَكُمْ عَلَيْهِمْ وَهَذَا مَعْدُومٌ هَا هُنَا .
فَإِنْ قِيلَ : أَلَيْسَ قَدْ حَكَى
أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ بَشَّارٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16408عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ الْحَدِيثَ فَيَقُولُ فِيهِ : هَذَا رَوَاهُ كَذَا وَكَذَا رَجُلٍ يُسَمِّيهِمْ ، فَإِذَا عَرَضَ عَلَيْهِ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ قَالَ لَهُ : اضْرِبْ عَلَيْهِ ، فَعُرِضَ عَلَيْهِ حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ [ ص: 490 ] فَضَعَّفَهُ فَقَالَ : يَا أَبَةُ أَضْرِبْ عَلَيْهِ ؟ فَقَالَ : لَا ، هَذَا حَدِيثٌ فِيهِ فَضِيلَةٌ فَأَجْرِّهِ عَلَى مَا جَرَى وَلَا تَضْرِبْ عَلَيْهِ ، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ ضَعَّفَهُ قِيلَ : هَذِهِ حِكَايَةٌ لَا يُرَدُّ بِهَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ .