من على هذه الدار قاما أو صفا ملبس عليه فداما عج بنا نندب الذين تولوا
باقتياد المنون عاما فعاما فارقوا كهلا وشيخا وهما
ووليدا مؤملا وغلاما وشحيحا جعد اليدين بخيلا
وجوادا مخولا مطعاما سكنوا كل ذروة من أشم
يحسر الطرف ثم حلوا الرغاما يا لحا الله مهلا حسب الدهـ
ـر لؤوم الجفون عنه فناما علقا في يد المنى كلما نال
هوى يبتغيه رام منه مراما هل لنا ، بالغين كل مراد
غير ما يملأ الضلوع طعاما فإذا أعوز الحلال فشل اللـ
ـه كفا جرت إليها الحراما وما لسغاب البطون أحظى لذي المجـ
ـد من القوم يأكلون الحطاما دع على أربع الرخاء رجالا
سكنوا في ربى الرخاء خياما كلما أقحطوا استماروا من العار
وإما صدوا ترووا أثاما
وقم الليل ناجيا خدع الدهـ ـر وإن لم تجد رجالا قياما
واخش ما قيل فيه قد تم فالجلد الذي لا يخاف إلا التماما
أيها الموت كم حططت عليا سامي الطرف أو جذذت سناما
وإذا ما حذرت خلفا وظنوا نجاة من يديك كنت أماما
إخواني : كأن القلوب ليست منا ، وكأن الحديث يعنى به غيرنا .
[ ص: 201 ]
كم من وعيد يخرق الآذانا كأنما يعنى به سوانا
أصمنا الإهمال بل أعمانا
إخواني : غاب الهدهد عن سليمان فتوعده بلفظ لأعذبنه فيا من يغيب طول عمره عن طاعتنا ، أما تخاف من غضبنا ؟ ! موسى الخضر في طريق الصحبة ثلاث مرات فحل عقدة الوصال بكف : خالف هذا فراق بيني وبينك " أما تخاف يا من لم يف لمولاه أبدا أن يقول في بعض خطاياك : هذا فراق بيني وبينك .كان شديد الخوف والبكاء فعوتب على ذلك فقال : وما يؤمنني أن يكون اطلع علي في بعض زلاتي فقال : اذهب فلا غفرت لك ! الحسن
لعلك غضبان وقلبي غافل سلام على الدارين إن كنت راضيا
سيدي ! قصدك عبد روحه لديك ، وقياده بيديك ، واشتياقه إليك ، وحسراته عليك ، ليله أرق ، ونهاره قلق ، وأحشاؤه تحترق ، ودموعه تستبق شوقا إلى رؤيتك ، وحنينا إلى لقائك ، ليس له راحة دونك ، ولا أمل غيرك .
ثم بكى ورفع طرفه إلى السماء وقال : سيدي ؟ عظم البلاء وقل العزاء ، فإن أك صادقا فأمتني . وشهق شهقة فحركته فإذا هو ميت ، فبينا أنا أراعيه وإذا بجماعة قد قصدوه فغسلوه وحنطوه وكفنوه وصلوا عليه ودفنوه وارتفعوا نحو السماء فأخذني فكر وغشيتني غشية فلم أفق إلا بعد حين .
يا سالكا طريق الجاهلين ، راضيا بلعب الغافلين ، متى نرى هذا القلب القاسي يلين ، متى تبيع الدنيا وتشتري الدين ، ودنت همته فهو حول الوسخ يحوم ، وأقبل على القبيح ناسيا يوم القدوم ، فأصبح شر خاسر وأبعد ملوم . واعجبا لمن آثر الفاني على ما يدوم ، وتعجل الهوى واختار المذموم ،
أتغرني آماليه بعد القرون الخاليه
أهل المراتب والمناصـ ـب والقصور العاليه
عادت لهم دنياهم بعد المودة قاليه
[ ص: 202 ] نادت منازلهم قفوا وتأملوا أطلاليه
فغموض باطن حالهم يبديه ظاهر حاليه
كانوا عقودا عطلت منها النحور الحاليه
إني لأذكر معشرا ما النفس عنهم ساليه
فأقول والهفي على تلك الوجوه الباليه
أنسيت يا مغرور أنك ميت أيقن بأنك في المقابر نازل
تفنى وتبلى والخلائق للبلى أبمثل هذا العيش يفرح عاقل
إخواني : ذهبت الشبيبة الحبيبة ، ونبال المصيبة بها مصيبة ، كانت أوقات الشباب كفصل الربيع ، وساعاته كأيام التشريق ، والعيش فيها كنوز الرياض ، فأقبل الشيب بعد بالفناء ويوعد بصفر الإناء ، فحل المرة وأحل المريرة .
لأمواه الشبيبة كيف غضنه وروضات الصبا في اليبس إضنه
وآمال النفوس معللات ولكن الحوادث يعترضنه
فلا الأيام ترضى من أذاة ولا المهجات من عيش عرضنه
هي الأشباح كالأسماء يجري الـ ـقضاء فيرتفعن ويختفضنه