جزاء بما كانوا يعملون قوله تعالى :
منحهم من الخير ما ليس بممنون ، وأمنهم في الجنة حوادث المنون ، وجعلهم على حفظ سره يؤتمنون ، إذ كانوا بأسمائه وصفاته يؤمنون ، فلهم [من] فضله فوق ما يشاؤون وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون .
خلقهم لخدمته وأرادهم ، وأربحهم في معاملته وأفادهم ، وجعل الرضا بقضائه زادهم ، وأعطاهم من جزيل رفده وزادهم ؛ وأثابهم ما لم يخطر على الظنون جزاء بما كانوا يعملون .
كانوا يصدقون في الأقوال ويخلصون في الأعمال ، ولا يرضون بالدنيء من الحال ، ولا يأنسون بما ينتهي إلى زوال ، فجزاهم على أفعالهم ذو الجلال ، إذ أسكنهم في جنته في ظلال على الأرائك متكئون جزاء بما كانوا يعملون .
لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما اللغو ما لا يفيد . والمعنى : أن خمر الجنة لا تذهب بعقولهم فيلغوا ويأثموا كما يكون في خمر الدنيا . قوله تعالى :
فإن قال : التأثيم لا يسمع فكيف ذكر مع المسموع ؟ فالجواب : أن العرب تتبع آخر [ ص: 207 ] الكلام أوله وإن لم يحسن في أحدهما ما يحسن في الآخر ، فيقولون أكلت خبزا ولبنا . قال الشاعر :
إذا ما الغانيات برزن يوما وزججن الحواجب والعيون
والعين لا تزجج ، فردها على الحاجب . وقال آخر :ولقد لقيتك في الوغى متقلدا سيفا ورمحا
علفتها تبنا وماء باردا