وفي المراد بمفاتحه قولان : أحدهما : أنها مفاتيح الخزائن التي تفتح بها الأبواب ، [ ص: 211 ] قاله مجاهد وقتادة ، قال خيثمة : كانت المفاتيح التي تفتح بها الأبواب وقر ستين بغلا ، وكانت من جلود ، كل مفتاح مثل الإصبع . والثاني : أن المراد بالمفاتيح الخزائن ، قاله السدي وأبو صالح والضحاك . قال وهذا الأشبه وإلى نحو هذا ذهب الزجاج : ابن قتيبة . قال كانت خزائنه تحمل على أربعين بغلا . أبو صالح :
لتنوء بالعصبة أي تثقلهم وتميلهم . والعصبة : الجماعة . وفي المراد بها ههنا ستة أقوال : أحدها : أربعون رجلا . رواه قوله تعالى : عن عكرمة والثاني : ما بين الثلاثة إلى العشرة رواه ابن عباس . الضحاك عن والثالث : خمسة عشر . قاله ابن عباس . والرابع : فوق العشرة إلى الأربعين . قاله مجاهد . والخامس : سبعون رجلا . قاله قتادة . والسادس : ما بين الخمسة عشر إلى الأربعين . حكاه أبو صالح . الزجاج .
إذ قال له قومه يعني المؤمنين قوله تعالى : لا تفرح أي لا تبطر وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة يعني الجنة بإنفاقه في طاعته . ولا تنس نصيبك من الدنيا وهو أن تعمل فيها للآخرة وأحسن بإعطاء فضل مالك كما أحسن الله إليك بأن زادك على قدر حاجتك ولا تبغ الفساد بأن تعمل بالمعاصي .
قال إنما أوتيته على علم عندي فيه خمسة أقوال : أحدها : على علم عندي بصنعة الذهب . رواه عن أبو صالح قال ابن عباس . وهذا لا أصل له ، لأن الكيمياء باطل لا حقيقة له . والثاني : رضا الله عني . قاله الزجاج : ابن زيد . والثالث : على خير علمه الله مني . قاله مقاتل . والرابع : إنما أعطيته بفضل علمي . قاله والخامس : على علم عندي بوجوده المكاسب . ذكره الفراء . الماوردي .
ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون قال قوله تعالى : يدخلون النار بغير حساب . قتادة :
فخرج على قومه في زينته في ثياب حمر وصفر . قال في ثياب معصفرة . قال عكرمة : خرج على بغلة شهباء عليها سرج أحمر من أرجوان ، ومعه أربعة آلاف مقاتل وثلاثمائة وصيفة عليهن الحلي والزينة ، على بغال بيض ، قال وهب بن منبه : الأرجوان : صبغ أحمر . الزجاج :
[ ص: 212 ] ولا يلقاها يعني الكلمة التي قالها المؤمنون وهي : قوله تعالى : ثواب الله خير " .
قال لما نزلت الزكاة أتى ابن عباس : موسى وهارون قارون فصالحه على كل ألف دينار دينارا ، وعلى كل ألف درهم درهما ، وعلى كل ألف شاة شاة . فوجد ذلك مالا كثيرا فجمع بني إسرائيل وقال : إن موسى يريد أموالكم . قالوا : فماذا تأمرنا ؟ قال : نجعل لفلانة البغية جعلا فتقذفه بنفسها . ففعلوا . ثم أتاه قارون فقال : إن قومك قد اجتمعوا لتأمرهم وتنهاهم . فخرج فقال : يا بني إسرائيل من سرق قطعنا يده ، ومن افترى جلدناه ثمانين ، ومن زنى وليست له امرأة جلدناه مائة فإن كانت له امرأة جلدناه حتى يموت . فقال له قارون : وإن كنت أنت ؟ قال : وإن كنت أنا . قال : فإن بني إسرائيل يزعمون أنك فجرت بفلانة . قال : ادعوها : فلما جاءت قال موسى : يا فلانة أنا فعلت ما يقول هؤلاء ؟ قالت : لا كذبوا ، وإنما جعلوا لي جعلا على أن أقذفك . فسجد فأوحى الله عز وجل إليه : مر الأرض بما شئت . فقال : يا أرض خذيه . فأخذته حتى غيبت سريره ، فلما رأى ذلك ناشده بالرحم فقال : خذيه فأخذته حتى غيبت قدميه ، فما زال يقول : خذيه . حتى غيبته فأوحى الله تعالى إليه : يا موسى ما أفظك ! وعزتي وجلالي لو استغاث بي لأغثته !
قال يخسف به كل يوم قامة ، فيبلغ به إلى الأرض السفلى يوم القيامة . سمرة بن جندب :
فلما هلك قال بنو إسرائيل : إنما أهلكه موسى ليأخذ ماله وداره . فخسف الله بداره وبماله بعد ثلاثة أيام .
فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله أي يمنعونه من الله .
فأصبح المتمنون مكانه قد ندموا على تمنيهم ، فجعلوا يقولون : لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه قال ابن الأنباري : إن شئت قلت : « ويك » حرف و « أنه » حرف . والمعنى : ألم تر أنه قال الشاعر :
تسألاني الطلاق أن ترياني قل مالي قد جئتما بهجر ويك أن من يكن له نشب
يحبب ومن يفتقر يعش عيش ضر
وذكر عن الزجاج الخليل أنه قال : « وي » مفصولة من « كأن » وذلك أن القوم ندموا فقالوا : وي . متندمين على ما سلف منهم .
تلك الدار الآخرة يعني الجنة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض وهو البغي ولا فسادا وهو العمل بالمعاصي والعاقبة المحمودة للمتقين .