سجع على قوله تعالى : 
فاعتبروا يا أولي الأبصار   
كم من ظالم تعدى وجار ، فما راعى الأهل ولا الجار ، بينا هو يعقد عقد الإصرار حل به الموت فحل من حلته الأزرار فاعتبروا يا أولي الأبصار   . 
ما صحبه سوى الكفن إلى بيت البلى والعفن ، لو رأيته وقد حلت به المحن ، وشين ذلك الوجه  الحسن  ، فلا تسأل كيف صار فاعتبروا يا أولي الأبصار   . 
سال في اللحد صديده ، وبلي في القبر جديده ، وهجره نسيبه ووديده ، وتفرق حشمه وعبيده والأنصار فاعتبروا يا أولي الأبصار   . 
أين مجالسة العالية ، أين عيشته الصافية ، أين لذاته الحالية ، كم كم تسفي على قبره سافية ، ذهبت العين وأخفيت الآثار فاعتبروا يا أولي الأبصار   . 
تقطعت به جميع الأسباب ، وهجره القرناء والأتراب ، وصار فراشه الجندل والتراب ، وربما فتح له في اللحد باب النار فاعتبروا يا أولي الأبصار   . 
خلا والله بما كان صنع ، واحتوشه الندم وما نفع ، وتمنى الخلاص وهيهات قد وقع ، وخلاه الخليل المصافي وانقطع ، واشتغل الأهل بما كان جمع ، وتملك الضد المال والدار فاعتبروا يا أولي الأبصار   . 
نادم بلا شك ولا خفا ، باك على ما زل وهفا ، يود أن صافي اللذات ما صفا ، وعلم أنه كان يبني على شفا جرف هار فاعتبروا يا أولي الأبصار   . 
قارنه عمله من ساعة الحين ، فهو يتمنى الفرار وهيهات أين ، ويقول يا ليت بيني  [ ص: 228 ] وبينك بعد المشرقين ، فهو على فراش الوحدة وحده والعمل ثاني اثنين ، ولكن لا في الغار فاعتبروا يا أولي الأبصار   . 
وهذه إن كانت حالة من غدا ، فلكل منكم مثلها غدا ، فانتبهوا من رقادكم قبل الردى أيحسب الإنسان أن يترك سدى  إنما هي جنة أو نار فاعتبروا يا أولي الأبصار  والحمد لله وحده . 
 [ ص: 229 ] 
				
						
						
