سلطانه في خلقه قاهر وأمره في ملكه باهر سطوته باطشة بالورى
في ذرة معجزها ظاهر إذا تجلى في جلال العلا
ذل له الأول والآخر كن حاذرا من بطشه إنه
في أمره وقهره قادر ولطفه في عطفه راحم
وسيفه في خلقه باتر
أين من كان قبلنا أين أينا من أناس كانوا حجالا وزينا
إن دهرا أتى عليهم فأفنى عددا منهم سيأتي علينا
خدعتنا الآمال حتى جمعنا وطلبنا لغيرنا وسعينا
وابتغينا من المعاش فضولا لو قنعنا بدونها لاكتفينا
ولعمري لنمضين ولا نمـ ـضي بشيء منها إذا ما مضينا
كم رأينا من ميت كان حيا ووشيكا يرى بنا ما رأينا
ما لنا نأمن المنايا كأنا لا نراهن يهتدين إلينا
عجبا لامرئ تيقن أن الـ ـموت حق فقر بالعيش عينا
كم يوم غابت شمسه وقلبك غائب ، وكم ظلام أسبل ستره وأنت في عجائب ، وكم أسبغت عليك نعمه وأنت للمعاصي تواثب ، وكم صحيفة قد ملأها بالذنوب الكاتب ، وكم ينذرك سلب رفيقك وأنت لاعب ، يا من يأمن الإقامة قد زمت الركائب ، أفق من سكرتك قبل حسرتك على المعايب ، وتذكر نزول حفرتك وهجران الأقارب ، ، فالسائق حثيث والحادي مجد والموت طالب . وانهض على بساط الرقاد وقل : أنا تائب ، وبادر تحصيل الفضائل قبل فوات المطالب
لأبكين على نفسي وحق ليه يا عين لا تبخلي عني بعبرتيه
لأبكين فقد بان الشباب وقد جد الرحيل عن الدنيا برحلتيه
يا نأي منتجعي يا هول مطلعي يا ضيق مضطجعي يا بعد شقتيه
المال ما كان قدامي لآخرتي ما لا أقدم من مالي فليس ليه
فتفكروا إخواني في ذلك الغريب ، وتصوروا أسف النادم وقلق المريب ، فلمثل حاله فليحذر اللبيب ، وهذا أمر تبعده الآمال ، وهو والله قريب .
أبصرته ملقى يجود بنفسه قد كلل الرشح الغزير جبينه
لا يستطيع إجابتي من ضعفه طورا يكف شماله ويمينه
[ ص: 74 ] وطبيبه قد حار فيه وقد رأى أنفاسه تعلوا معا وأنينه
قد عاف مشروباته وطعامه وقلى لذاك صديقه وخدينه
يا واقفا يسأل القبور أفق فأهلها اليوم عنك قد شغلوا
قد هالهم منكر وصاحبه وخوف ما قدموا وما عملوا
رهائن للثرى على مدر يسمع للدود بينهم زجل
سرى البلى في جسومهم فجرت دما وقيحا وسالت المقل
سكرى ولم يشربوا الفقار ومن كؤوس المنون ما نهلوا
ينتظرون النشور إذ يقف الـ ـأملاك والأنبياء والرسل
يوما ترى الصحف فيه طائرة وكل قلب من أجله وجل
قد دنت الشمس من رؤوسهم والنار قد أبرزت لها شعل
وأزلفت جنة النعيم فيا طوبى لقوم بربعها نزلوا
أكوابهم عسجد يطاف بها والخمر والسلسبيل والعسل
والحور تلقاهم وقد هتكت عن وجهها الأستار والكلل