نبني ونجمع والآثار تندرس ونأمل اللبث والأرواح تختلس ذا اللب فكر فما في الخلد من طبع
لا بد ما ينتهي أمر وينعكس أين الملوك وأبناء الملوك ومن
كانوا إذا الناس قاموا هيبة جلسوا ومن سيوفهم في كل معركة
تخشى ودونهم الحجاب والحرس أضحوا بمهلكة في وسط معركة
صرعى وماشي الورى من فوقهم يطس وعمهم حدث وضمهم جدث
باتوا وهم جثث في الرمس قد حبسوا كأنهم قط ما كانوا وما خلقوا
ومات ذكرهم بين الورى ونسوا والله لو أبصرت عيناك ما صنعت
يد البلى بهم والدود يفترس لعاينت منظرا تشجى النفوس به
وأبصرت نكرا من دونه النكس من أوجه ناظرات حار ناظرها
في رونق الحسن كيف تنطمس وأعظم باليات ما بها رمق
وليس تبقى وهذا وهي تنتهس وألسن ناطقات زانها أدب
ما شأنها شانها بالآفة الخرس نكسهم ألسن للدهر فاغرة
فاها فآها لهم إذ بالردى وكسوا عروا عن الوشي لما ألبسوا حللا
من الرغام على أجسادهم وكسوا وصار لبس الصفايا من خلائلهم
جون الثياب وقدما زانه الورس حتام يا ذا النهى لا ترعوي سفها
ودمع عينيك لا يهمي وينبجس
ذهب الأحبة بعد طول تودد ونأى المزار فأسلموك وأقشعوا
خذلوك أفقر ما تكون لغربة لم يؤنسوك وكربة لم يدفعوا
قضي القضاء وصرت صاحب حفرة عنك الأحبة أعرضوا وتصدعوا
سيعرض عن ذكري وتنسى مودتي ويحدث بعدي للخليل خليل
إذا انقطعت يوما من العيش مدتي فإن غناء الباكيات قليل
أيها الغافل عما بين يديه لا يذكر الموت ولا يلتفت إليه ، شغله عن العواقب ما لديه وألهاه ما له عما عليه :
يا لقومي للآمل المغرور ولجاج لا ينقضي في الصدور
ولنفس مخدوعة بالأماني ولهم موكل بسرور
وانقباض الحياة عما يرجيه الفتى وامتداد حبل الغرور
يلتحيه الزمان في كل يوم دائبا كالتحاء غصن نضير
يتمنى في العيش ما ليس يلقاه وينسى حزم الزمان الغيور
ولعين غفت عن الأجل اليقظان أمسى بها قريب المسير
[ ص: 568 ] كل يوم يهيض للمرء عظما وهو يسطو فيه بعظم كسير
يحمل الموت بين جنبيه إذ يغدو ويخشاه من وراء الثغور
كل نفس في مستقر عليها والج من حمامها المقدور
قال بعض أصحاب : ليت ابن الحسن آدم لم يخلق . فقال : فقد وقعتم فاحتالوا ! حبيب العجمي
تالله ما اهتم بالخلاص إلا أهل التقى والإخلاص ، أيامهم بالصلاح زاهرة ، ودولتهم للعدو قاهرة ، وأعينهم في الدجى ساهرة ، يخافون العرض على أرض الساهرة ، والعقول للنفوس ناهية آمرة ، وأخلاق الثياب على أخلاق طاهرة ، والدنيا عليهم والقلوب صابرة ، وفي الجملة باعوا الدنيا فاشتروا بها الآخرة .
قال أبو يزيد : جمعت أسباب الدنيا فربطتها بحبل القنوع ، ووضعتها في منجنيق الصدق ، ورميت بها في جبل اليأس ، فاسترحت :
قرب الحرص مركبا لشقي إنما الحرص مركب الأشقياء
مرحبا بالكفاف يأتي عفيا وعلى المتعبات ذيل العفاء
ضلة لامرئ يشمر في الجمع لعيش مشمر للفناء
دائبا يكثر القناطير للوارث والعمر دائبا لانقضاء
حبذا كثرة القناطير لو كان لرب الكنوز كنز بقاء
يغتدي يرحم الأسير أسيرا جاهلا أنه من الأسراء
يحسب الحظ كله في يديه وهو منه على مدى الجوزاء
ذلك الخائب الشقي وإن كان يرى أنه من السعداء