الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 538 ] بسم الله الرحمن الرحيم.

                                                                                                                                                                                                                                      ص والقرآن ذي الذكر  بل الذين كفروا في عزة وشقاق  كم أهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولات حين مناص  

                                                                                                                                                                                                                                      قال الضحاك : صدق الله، وقال عطاء ، عن ابن عباس : صدق محمد صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      والقرآن ذي الذكر الشرف، كقوله: وإنه لذكر لك ولقومك وجواب القسم قد تقدم، أقسم الله تعالى بالقرآن أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد صدق، كما تقول: فعل والله، وقام والله، وقال أهل المعاني: جواب القسم محذوف بتقدير: والقرآن ذي الذكر ما الأمر كما يقول الكفار، ودل على هذا المحذوف قوله تعالى: بل الذين كفروا قال مقاتل : كفروا بالتوحيد من أهل مكة في "عزة" حمية وتكبر عن الحق، "وشقاق" خلاف وعداوة لمحمد صلى الله عليه وسلم، ثم خوفهم، فقال: كم أهلكنا من قبلهم من قرن يعني: الأمم الخالية المهلكة بتكذيب الرسل، فنادوا عند وقوع الهلاك بهم باستغاثة، ولات حين مناص أي: ساعة لا منجى ولا فوت، قال ابن عباس : ليس حين نزو ولا فرار، وقال قتادة : نادى القوم على غير حين النداء، والمناص: مصدر ناص ينوص وهو الفوت والتأخر، ولات بمعنى ليس بلغة أهل اليمن ، وقال النحويون: هي لا زيدت فيها [ ص: 539 ] التاء، كما قالوا: ثم وثمت، ورب وربت، وأصلها هاء وصلت بـ"لا"، فقالوا: لا لغير معنى حادث، كما زادوا هاء في ثمة، فلما وصلوها جعلوها تاء، والوقف عليها بالتاء عند الزجاج وأبي علي ، وعند الكسائي الوقف عليها بالهاء، نحو قاعدة وضاربة، وعند أبي عبيد الوقف على ثم يبتدئ: تحين مناص؛ لأن عنده أن هذه التاء تزاد مع حين، فيقال: كان هذا تحين كان ذاك.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية