قال : فلما أمر الله المؤمنين بعداوة الكفار، عادوا أقرباءهم، فأنزل الله: مقاتل عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون
عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم أي: من كفار مكة ، "مودة" ففعل بأن أسلم كثير منهم بعد الفتح ، : أبو سفيان بن حرب وأبو سفيان بن الحارث ، والحارث بن هشام ، وسهيل بن عمرو ، وحكيم بن حزام ، وكانوا من رؤساء الكفار، والمعادين لأهل الإسلام، والله قدير على جعل المودة، والله غفور رحيم بهم بعد ما تابوا [ ص: 285 ] وأسلموا.
قوله: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين يعني: أهل العهد، الذين عاهدوا المؤمنين على ترك القتال والمظاهرة في العداوة، وهم خزاعة، وقوله: أن تبروهم أي: لا ينهاكم الله عن بر الذين لم يقاتلوكم، وهذا يدل على جواز وإن كانت الموالاة منقطعة، وتقسطوا إليهم يقال: أقسطت إلى الرجل إذا عاملته بالعدل. قال البر بين المسلمين والمشركين، : أي: وتعدلوا فيما بينكم وبينهم من الوفاء بالعهد. الزجاج
ثم ذكر من الذين ينهاهم عن صلتهم، فقال: إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين إلى قوله: أن تولوهم أي: إنما ينهاكم الله أن تتولوا هؤلاء، يعني: أن مكاتبتهم بإظهار سر المسلمين موالاة لهم.