الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وما صاحبكم يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم بمجنون، والخطاب لأهل مكة ، وهذا أيضا من جواب القسم، أقسم الله أن القرآن نزل به جبريل ، وأن محمدا ليس كما يقول أهل مكة وذلك أنهم قالوا: إن محمدا مجنون، وهذا الذي أتى به يتقوله من نفسه.

                                                                                                                                                                                                                                      "ولقد رآه" رأى محمد جبريل بالأفق المبين حيث تطلع الشمس، وهذا مفسر في سورة النجم.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم أخبر أنه ليس بمتهم فيما يأتي به من القرآن، فقال: وما هو على الغيب يعني: على خبر السماء، وما أطلع عليه مما كان غائبا علمه عن أهل مكة من الأنباء والقصص، مما لم يعرفوه، "بظنين" بمتهم، يقول: ما محمد على القرآن بمتهم أي: هو [ ص: 432 ] ثقة فيما يؤدي عن الله، ومن قرأ بالضاد فمعناه ببخيل، أي: أنه يخبر بالغيب فيبينه ولا يكتمه، كما يكتم الكاهن حتى يأخذ عليه حلوانا.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم ذكر أنه ليس من تعليم الشيطان، فقال: وما هو بقول شيطان رجيم قال الكلبي : يقول: إن القرآن ليس بشعر، ولا كهانة، كما قالت قريش .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم بكتهم بقوله: فأين تذهبون قال الزجاج : معناه: أي طريق تسلكون أبين من هذه الطريقة التي قد بينت لكم؟ ثم بين أن القرآن ما هو، فقال: إن هو إلا ذكر للعالمين يقول: ما القرآن إلا موعظة للخلق أجمعين.

                                                                                                                                                                                                                                      لمن شاء منكم أن يستقيم على الحق والإيمان، والمعنى: أن القرآن إنما يتعظ به من استقام على حق.  

                                                                                                                                                                                                                                      ثم رد المشيئة إلى نفسه، فقال: وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين أعلمهم أن المشيئة في التوفيق إليه، وأنهم لا يقدرون على ذلك إلا بمشيئة الله وتوفيقه، وهذا إعلام بأن الإنسان لا يعمل خيرا إلا بتوفيق الله، ولا شرا إلا بخذلانه.

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أبو بكر التميمي ، أنا أبو الشيخ الحافظ ، نا أبو يحيى ، نا العسكري ، نا عبد الله بن المبارك ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن سليمان بن موسى ، قال: لما نزلت: لمن شاء منكم أن يستقيم ، قال أبو جهل : الأمر إلينا، إن شئنا استقمنا، وإن شئنا لم نستقم، فأنزل الله عز وجل: وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية