لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شيء قدير يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد
قوله: لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين نزلت الآية في قوم من المؤمنين كانوا يباطنون اليهود ويوالونهم، نهى الله سبحانه المؤمنين أن يلاطفوا الكفار ويوالونهم.
[ ص: 428 ] ثم أوعد على ذلك فقال: ومن يفعل ذلك أي: اتخاذ الأولياء من الكفار، فليس من الله في شيء أي: من دين الله، والمعنى: أنه قد برئ منه وفارق دينه.
ثم استثنى فقال: إلا أن تتقوا منهم تقاة يقال: تقيته تقاة وتقى وتقية.
وهذا في المؤمن إذا كان في قوم كفار ليس فيهم غيره، وخافهم على نفسه وماله، فله أن يداريهم باللسان، وقلبه مطمئن بالإيمان دفعا عن نفسه.
قال يعني: مداراة ظاهرة. ابن عباس:
ويحذركم الله نفسه يخوفكم الله على موالاة الكفار عذاب نفسه، قال معنى نفسه: إياه، كأنه قال: وحذركم الله إياه. الزجاج:
وإلى الله المصير أي: إليه يرجع الخلق كلهم بعد الموت.
قوله: قل إن تخفوا ما في صدوركم يعني: من مودة الكفار وموالاتهم، أو تبدوه أي: تظهروه، يعلمه الله أي: يجازيكم على ذلك; لأنه عالم به، ويعلم ما في السماوات وما في الأرض إتمام التحذير; لأنه إذا كان لا يخفى عليه شيء فكيف عليه الضمير؟ وقوله: والله على كل شيء قدير تحذير من عقاب من لا يعجزه شيء.
قوله: يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا يريد بيان ما عملت بما ترى من صحائف الحسنات، ويجوز أن يكون المعنى: جزاء ما عملت بما ترى من الثواب، وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا قال كما بين المشرق والمغرب. مقاتل:
وقال يسر أحد أن لا يلقى عمله أبدا. الحسن:
والأمد: الغاية التي ينتهي إليها.
والله رءوف بالعباد قال من رأفته بهم أن حذرهم نفسه ولم يهلكهم من غير تحذير. الحسن:
[ ص: 429 ]