وقد ذكر الله، عز وجل، في قوله: فضلها ليلة القدر خير من ألف شهر ، قال : قيامها، والعمل فيها خير من قيام شهر، وصيامه ليس فيه ليلة القدر، وهذا قول مجاهد ، مقاتل ، واختيار [ ص: 537 ] وقتادة ، الفراء ، وذلك أن الأوقات إنما يفضل بعضها على بعض بما يكون فيه من الخير والنفع، فلما جعل الله تعالى الخير الكبير في ليلة القدر، كانت خيرا من ألف شهر لا يكون فيها من الخير والبركة ما يكون في هذه الليلة، وقال والزجاج ، عطاء عن : ذكر لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، رجل من بني إسرائيل حمل السلاح على عاتقه في سبيل الله ألف شهر، فعجب لذلك رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عجبا شديدا، وتمنى أن يكون مثل ذلك في أمته، فقال: يا رب، جعلت أمتي أقصر الأمم أعمارا، وأقلها أعمالا، فأعطاه الله تعالى ليلة القدر، فقال: ابن عباس ليلة القدر خير من ألف شهر الذي حمل الإسرائيلي السلاح في سبيل الله لك، ولأمتك من بعدك إلى يوم القيامة في كل رمضان.
ثم أخبر بما يكون في تلك الليلة، فقال: تنزل الملائكة والروح يعني: جبريل فيها، قال المفسرون: تنزل الملائكة ومعهم جبريل في ليلة القدر، بالرحمة من الله، والسلام على أوليائه، فيسلمون على كل عبد قائم، أو قاعد يذكر الله، وهو قوله: بإذن ربهم من كل أمر أي: بكل أمر من الخير والبركة، وهذا كقوله تعالى: يحفظونه من أمر الله أي: بأمره.
سلام قال : يريد: سلام على أولياء الله، وأهل طاعته. وقال عطاء : كلما لقي الملائكة مؤمنا، أو مؤمنة في ليلة القدر، سلموا عليه من ربه. الكلبي
وقال : إن ليلة القدر سالمة من أن يحدث فيها داء، أو يستطيع شيطان أن يعمل فيها. مجاهد
وسلام يعني سلامة، أي: سلامة، هي حتى مطلع الفجر والمطلع مصدر بمعنى: الطلوع، ومن قرأ بكسر اللام، فهو اسم لوقت الطلوع.