الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقد ذكر الله، عز وجل، فضلها  في قوله: ليلة القدر خير من ألف شهر ، قال مجاهد : قيامها، والعمل فيها خير من قيام شهر، وصيامه ليس فيه ليلة القدر، وهذا قول مقاتل ، وقتادة ، واختيار [ ص: 537 ] الفراء ، والزجاج ، وذلك أن الأوقات إنما يفضل بعضها على بعض بما يكون فيه من الخير والنفع، فلما جعل الله تعالى الخير الكبير في ليلة القدر، كانت خيرا من ألف شهر لا يكون فيها من الخير والبركة ما يكون في هذه الليلة، وقال عطاء ، عن ابن عباس : ذكر لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، رجل من بني إسرائيل حمل السلاح على عاتقه في سبيل الله ألف شهر، فعجب لذلك رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عجبا شديدا، وتمنى أن يكون مثل ذلك في أمته، فقال: يا رب، جعلت أمتي أقصر الأمم أعمارا، وأقلها أعمالا، فأعطاه الله تعالى ليلة القدر، فقال: ليلة القدر خير من ألف شهر الذي حمل الإسرائيلي السلاح في سبيل الله لك، ولأمتك من بعدك إلى يوم القيامة في كل رمضان.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم أخبر بما يكون في تلك الليلة، فقال: تنزل الملائكة والروح يعني: جبريل فيها، قال المفسرون: تنزل الملائكة ومعهم جبريل في ليلة القدر، بالرحمة من الله، والسلام على أوليائه، فيسلمون على كل عبد قائم، أو قاعد يذكر الله، وهو قوله: بإذن ربهم من كل أمر أي: بكل أمر من الخير والبركة، وهذا كقوله تعالى: يحفظونه من أمر الله أي: بأمره.

                                                                                                                                                                                                                                      سلام قال عطاء : يريد: سلام على أولياء الله، وأهل طاعته. وقال الكلبي : كلما لقي الملائكة مؤمنا، أو مؤمنة في ليلة القدر، سلموا عليه من ربه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مجاهد : إن ليلة القدر سالمة من أن يحدث فيها داء، أو يستطيع شيطان أن يعمل فيها.

                                                                                                                                                                                                                                      وسلام يعني سلامة، أي: سلامة، هي حتى مطلع الفجر والمطلع مصدر بمعنى: الطلوع، ومن قرأ بكسر اللام، فهو اسم لوقت الطلوع.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية