الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      بسم الله الرحمن الرحيم.

                                                                                                                                                                                                                                      القارعة  ما القارعة  وما أدراك ما القارعة  يوم يكون الناس كالفراش المبثوث  وتكون الجبال كالعهن المنفوش  فأما من ثقلت موازينه  فهو في عيشة راضية  وأما من خفت موازينه  فأمه هاوية  وما أدراك ما هيه  نار حامية  

                                                                                                                                                                                                                                      القارعة اسم من أسماء القيامة؛ لأنها تفزع القلوب بالقرع، وتفزع أعداء الله بالعذاب.  

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ما القارعة تهويل وتعظيم.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم عجب نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال: وما أدراك ما القارعة تعظيما لشأنها.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم بين أنها متى تكون، فقال: يوم يكون الناس كالفراش المبثوث الفراش ما تراه يتهافت في النار، شبه الناس في وقت البعث بالفراش، لأنهم إذا بعثوا ماج بعضهم في بعض، والفراش إذا ثار لم يتجه لجهة واحدة، فدل على أنهم إذا بعثوا فزعوا، فاختلفوا في المقاصد على جهات مختلفة، كما قال: كأنهم جراد منتشر و المبثوث المفرق، يقال: بثه، إذا فرقه.

                                                                                                                                                                                                                                      وتكون الجبال كالعهن المنفوش وهو الذي نفش بالندف، والمعنى: أنها تصير خفيفة في السير.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم ذكر أحوال الناس بقوله: فأما من ثقلت موازينه يعني: رجحت حسناته. فهو في عيشة راضية قال الزجاج : أي: ذات رضا، يرضاها صاحبها.

                                                                                                                                                                                                                                      وأما من خفت موازينه رجحت سيئاته على حسناته.  

                                                                                                                                                                                                                                      فأمه هاوية فمسكنه جهنم، وقيل لمسكنه: أمه؛ لأن الأصل في السكون إلى الأمهات، والهاوية: من أسماء جهنم، وهي المهواة لا يدرك قعرها، ويدل على صحة هذا التفسير ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "إذا [ ص: 547 ] مات العبد تلقى روحه أرواح المؤمنين، فتقول له: ما فعل فلان، فإذا قال: مات. قالوا: ذهب به إلى أمه الهاوية، فبئست الأم، وبئست المربية".

                                                                                                                                                                                                                                      ثم أخبر الله عز وجل عنها، فقال: وما أدراك ما هيه يعني: الهاوية، والهاء في "هيه" للوقف، ثم فسر، فقال: "نار حامية" حارة، قد انتهى حرها.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية