الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما  والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا  

                                                                                                                                                                                                                                      قوله عز وجل : إن الذين كفروا بآياتنا يعني : بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن ، سوف نصليهم نارا ندخلهم نارا كلما نضجت : لانت بحرارتها ، جلودهم بدلناهم جلودا غيرها قال ابن عباس : يبدلون جلودا بيضاء كأمثال القراطيس .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الحسن : بلغنا أنهم تنضجهم كل يوم سبعين ألف مرة ، تأكل جلودهم ولحومهم ، قال : وغلظ لحوم أهل النار أربعون ذراعا ، وما بين منكبي أحدهم مسيرة ثلاثة أيام .

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أبو نصر المهرجاني ، أخبرنا ابن بطة ، أخبرنا أبو القاسم البغوي ، حدثنا داوود بن رشيد ، حدثنا مروان بن معاوية ، حدثنا يزيد بن سنان ، حدثنا أبو يحيى الكلاعي ، عن المقدام بن معدي كرب ، قال :

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 69 ] سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "يحشر من بين السقط إلى الشيخ الفاني يوم القيامة أبناء ثلاث وثلاثين سنة ، المؤمنون منهم في خلق آدم ، وقلب أيوب ، وحسن يوسف ، مردا مكحلين ، قلنا : يا رسول الله فكيف بالكافر ؟ قال : يعظم للنار حتى يصير غلظ جلده أربعين ذراعا ، وحتى يصير الناب مثل أحد" .  

                                                                                                                                                                                                                                      وعن جابر بن عبد الله قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها فبكى ، واشتد بكاؤه ، فبكينا لبكائه ، فلما أفاق قال : "تبدل ليجدد عليهم العذاب "   .

                                                                                                                                                                                                                                      وهو قوله : ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما أي : هو قوي لا يغلبه شيء ، وهو مع ذلك حكيم فيما دبر .

                                                                                                                                                                                                                                      ولما ذكر ما أعد للكافرين من العذاب ذكر ثواب المؤمنين فقال : والذين آمنوا وعملوا الصالحات إلى قوله : وندخلهم ظلا ظليلا أي : دائما لا تنسخه الشمس ، كما تنسخ ظلال الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الحسن : ظلا ظليلا : لا يدخله الحر والسمائم .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الزجاج : معنى ظليل : يظل من الريح والحر ، وليس كل ظل كذلك ، أعلم الله تعالى أن ظل الجنة ظليل لا حر فيه ولا برد .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مقاتل : ظلا ظليلا يعني أكتان القصور ، لا فرجة فيها ولا خلل .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية