ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما ولله ما في السماوات وما في الأرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله غنيا حميدا ولله ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة وكان الله سميعا بصيرا يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا
[ ص: 123 ] قوله عز وجل : ويستفتونك في النساء يطلبون منك الفتوى ، وهو تبين المشكل من الأحكام .
قل الله يفتيكم فيهن يبين لكم الحكم فيهن ، أي : في توريثهن ، وكانت العرب لا تورث النساء والصبيان شيئا من الميراث - كما ذكرنا أول السورة - فنزلت الآية في توريث اليتامى .
وقوله : وما يتلى عليكم موضع ما رفع ؛ لأن المعنى : الله يفتيكم والكتاب يفتيكم ، يعني آية المواريث في أول هذه السورة
وقوله : في يتامى النساء يعني : في النساء اليتامى ، فأضيفت الصفة إلى الاسم كما تقول : كتاب الكامل ، ويوم الجمعة ، وهذا قول الكوفيين ، وعند البصريين لا يجوز إضافة الصفة إلى الموصوف .
والمراد بالنساء هاهنا : أمهات اليتامى ، أضيفت إليهن أولادهن اليتامى ، وقوله : اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن قال : يريد : ما فرض لهن من الميراث . ابن عباس
وترغبون : عن أن تنكحوهن لدمامتهن .
قالت عائشة رضي الله عنها : نزلت في اليتيمة ، يرغب وليها نكاحها ، ولا ينكحها فيعضلها طمعا في ميراثها ، فنهي عن ذلك .
وقوله : والمستضعفين من الولدان يعني : الصغار من الصبيان ، قال : يريد : أنهم لم يكونوا يورثون صغيرا من الغلمان ولا من الجواري ، وهو عطف على يتامى النساء . ابن عباس
[ ص: 124 ] والمعنى : يفتيكم في المستضعفين أن تعطوهم حقوقهم لأن ما يتلى عليكم في باب اليتامى من قوله : وآتوا اليتامى أموالهم يدل على الفتيا في إعطاء حقوق الصغار من الميراث .
وقوله : وأن تقوموا لليتامى بالقسط قال الفراء : أن في موضع خفض على معنى : ويفتيكم في أن تقوموا لليتامى بالقسط .
قال : يريد : بالعدل في مهورهن ، وفي مواريثهن . ابن عباس
وما تفعلوا من خير يريد : من حسن فيما أمرتكم به فإن الله كان به عليما يجازيكم عليه ولا يضيع لكم شيئا منه .
قوله تعالى : وإن امرأة خافت الآية .
أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، حدثنا أخبرنا محمد بن يعقوب ، الربيع ، أخبرنا أخبرنا الشافعي ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، ابن المسيب ، ابنة محمد بن مسلمة كانت عند فكره منها أمرا ، إما كبرا وإما غيرة ، فأراد طلاقها ، فقالت : لا تطلقني وأمسكني واقسم لي ما بدا لك ، فأنزل الله تعالى : رافع بن خديج وإن امرأة خافت أن أي : علمت من بعلها : زوجها نشوزا : ترفعا عليها لبغضها ، أو إعراضا عنها لموجدة أو أثرة .
قال نشوزا عصيانا يعني الأثرة . مقاتل :
وهو قول أو إعراضا عنها لما به من الميل إلى أخرى . ابن عباس