الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون  من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون  

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: إن الذين فرقوا دينهم قال مجاهد، وقتادة، ومقاتل، والسدي، والكلبي: هم اليهود والنصارى، وذلك أنهم اختلفوا فصاروا فرقا يكفر بعضهم بعضا، وآمنوا ببعض ما في أيديهم وكفروا ببعض، وذلك قوله: وكانوا شيعا أي: فرقا وأحزابا في الضلالة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ حمزة: فارقوا دينهم أي: باينوه وخرجوا عنه، وهذا يأول إلى معنى: فرقوا ألا ترى أنهم لما آمنوا ببعض وكفروا ببعض فارقوه كله، فخرجوا عنه ولم يتبعوه.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي عن عمر بن الخطاب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: " يا عائشة، إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا هم أصحاب البدع وأهل الأهواء وأصحاب الضلالة من هذه الأمة".

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 342 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أبو بكر الحارثي، أخبرنا أبو الشيخ الحافظ، حدثنا عبدان، حدثنا ابن مصفى، حدثنا بقية، عن شعبة، عن مجالد، عن الشعبي، عن شريح، عن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: " إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا هم أصحاب الأهواء وأصحاب الضلالة".  

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: لست منهم في شيء قال المفسرون: يقول: لست من قتالهم في شيء ثم نسخته آية القتال.

                                                                                                                                                                                                                                      هذا إذا كان المراد بالآية اليهود والنصارى على ما روي مرفوعا، معنى قوله: لست منهم في شيء أي: أنت منهم برئ وهم منك براء، أي: لم تتلبس بشيء من مذاهبهم، والعرب تقول: إن فعلت كذا فلست مني ولست منك، أي: كل واحد منا برئ من صاحبه.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: إنما أمرهم إلى الله يعني: في الجزاء والمكافأة، ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون إذا وردوا القيامة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها قال عطاء عن ابن عباس: يريد: من عمل من المصدقين حسنة كتبت له عشر حسنات.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن جاء بالسيئة يريد: الخطيئة، فلا يجزى إلا مثلها أي: إلا جزاء مثلها، لا يكون أكثر منها.

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أحمد بن الحسن الحيري، أخبرنا محمد بن علي بن دحيم، حدثنا إبراهيم بن عبد الله العبسي، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن معرور بن سويد، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: "من جاء بالحسنة فله عشرة أمثالها أو أزيد، ومن جاء بالسيئة فجزاء سيئة مثلها أو أغفر"   .

                                                                                                                                                                                                                                      رواه مسلم، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن وكيع [ ص: 343 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية