الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      بسم الله الرحمن الرحيم.

                                                                                                                                                                                                                                      يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين  إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون  الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون  أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم  

                                                                                                                                                                                                                                      يسألونك عن الأنفال الآية: النفل: الغنيمة وجمعه أنفال، قال المفسرون: اختلف أهل بدر في الغنائم، فقال الشبان: لنا الغنائم لأنا أبلينا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقالت الأشياخ: كنا ردءا لكم، ولو انهزمتم لانحزتم إلينا، فلا تذهبوا بها دوننا.

                                                                                                                                                                                                                                      فأنزل الله هذه الآية، ومعنى يسألونك عن الأنفال أي: عن حكمها وعلمها سؤال استفتاء، قال الزجاج: إنما سألوا عنها لأنها كانت حراما على من كان قبلهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال صاحب النظم: معناه: يسألونك عن الأنفال لمن هي؟ يدل على هذا قوله: قل الأنفال لله والرسول يحكمان فيها على ما أرادا ويضعانها حيث شاءا، فلما نزلت هذه الآية قسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 444 ] بين أهل بدر على السواء.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فاتقوا الله أي: بطاعته واجتناب معاصيه، وأصلحوا ذات بينكم أي: المنازعة الواقعة بينكم في الأنفال، وأطيعوا الله ورسوله قال الزجاج: اقبلوا ما أمرتم به في الغنائم وغيرها، إن كنتم مؤمنين يعني: أن الإيمان يوجب القبول من الله ورسوله، وهذه الآية منسوخة بقوله: فأن لله خمسه وللرسول الآية، وكانت الغنائم يومئذ خاصة للنبي صلى الله عليه وسلم، فنسخها الله بالخمس.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم تأويله: إذا ذكرت عظمة الله وقدرته وما خوف به من عصاه فزعت قلوبهم، يقال: وجل يوجل فهو وجل.

                                                                                                                                                                                                                                      إذا خاف، يقول: إنما المؤمن الذي إذا خوف بالله فرق قلبه، وانقاد لأمره خوفا من عقابه، وفيه إشارة إلى إلزام أصحاب بدر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يرى من قسمة الغنائم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا قال ابن عباس: تصديقا ويقينا.

                                                                                                                                                                                                                                      والمعنى: أنهم يصدقون بالأولى والثانية والثالثة، وكل ما يأتي من عند الله فيزيد تصديقهم، وعلى ربهم يتوكلون قال ابن عباس: يتقون لا يرجون غيره.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم زاد في وصفهم فقال: الذين يقيمون الصلاة الآية، ثم حقق لهم الإيمان فقال: أولئك هم المؤمنون حقا قال ابن عباس: برئوا من الكفر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مقاتل: أولئك هم المؤمنون لا شك في إيمانهم كشك المنافقين.

                                                                                                                                                                                                                                      لهم درجات عند ربهم قال عطاء: يعني درجات الجنة يرتقونها بأعمالهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ورزق كريم يعني: ما أعد الله لهم في الجنة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية