الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق  ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد  كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوي شديد العقاب  ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم  كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين  

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ولو ترى يا محمد، إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يعني الذين قتلوا ببدر، يضربون وجوههم إذا أقبلوا على المسلمين، وأدبارهم إذا ولوا، وذوقوا ويقولون لهم ذوقوا عذاب الحريق: قال ابن عباس: يقولون لهم ذلك بعد الموت.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الحسن: كان مع الملائكة مقامع كلما ضربوا التهبت النار في الجراحات، فذلك قوله: وذوقوا عذاب الحريق ذلك أي: ذلك العذاب الذي وقع بكم، بما قدمت أيديكم بما كسبتم وجنيتم من قبائح أعمالكم، وأن الله ليس بظلام للعبيد لا يظلم عباده بعقوبتهم على كفرهم، وإن كان كفرهم مخلوقا له؛ لأن له أن يتصرف في مملوكه كما شاء فيستحيل نسبة الظلم إليه.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: كدأب آل فرعون قال الزجاج: معناه: عادة هؤلاء في كفرهم كعادة آل فرعون في كفرهم.

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس: هو أن آل فرعون أيقنوا أن موسى نبي من الله فكذبوه، كذلك هؤلاء جاءهم محمد بالصدق والدين فكذبوه، وجحدوا نبوته، فأنزل الله بهم عقوبته كما أنزل بآل فرعون.

                                                                                                                                                                                                                                      وذلك قوله: كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوي قادر لا يغلبه شيء، شديد العقاب لمن كفر به وكذب رسله، قوله: ذلك بأن الله أي: ذلك الأخذ والعقاب لأن الله لا يغير ما أنعم به على قوم لو لم يغيروا هم بالكفران وترك الشكر، فإذا غيروا هم غير الله ما بهم فسلبهم النعمة وأخذهم بالعقاب، قال السدي:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 467 ] والنعمة التي أنعم الله عليهم محمد صلى الله عليه وسلم، أنعم الله به على قريش فكفروا به وكذبوه، فنقله إلى الأنصار كدأب أي: كصنيع آل فرعون كفروا بآيات ربهم، يعني: أهل مكة كذبوا بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن، كما كذبوا هم بموسى عليه الصلاة والسلام والتوراة، فأهلكناهم بذنوبهم يعني أهل مكة، أهلكهم الله ببدر، وأغرقنا آل فرعون ذكر عقوبة الفريقين لما شبه فعل أحدهما بفعل الآخر، وكل من الفريقين، كانوا ظالمين، ثم ذكر اليهود.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية