قوله عز وجل: وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور الآية، الطور: الجبل، بالسريانية، وقد تكلمت به العرب، قال العجاج :
دانى جناحيه من الطور فمر
[ ص: 151 ] قال المفسرون: إن موسى لما أتى بني إسرائيل بالتوراة قرؤوها وما فيها من التغليظ، كبر ذلك عليهم وأبوا أن يقبلوا ذلك، فأمر الله عز وجل جبلا من جبال فلسطين فانقلع من أصله حتى قام على رؤوسهم مثل الظلة، فأوحى الله إلى موسى عليه السلام: إن قبلوا التوراة، وإلا رضختهم بهذا الجبل، فلما رأوا ذلك قبلوا ما فيها وسجدوا من الفزع، وجعلوا يلاحظون الجبل وهم سجود، فمن أجل ذلك يسجد اليهود على أنصاف وجوههم، فهذا معنى أخذ الميثاق في حال رفع الجبل فوقهم؛ لأن في هذا الحال قيل لهم: خذوا ما آتيناكم بقوة ، وكان فيما آتاهم الله تعالى الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، وفي هذه الآية إضمار؛ لأن المعنى: وقلنا لكم: خذوا ما آتيناكم، أي: اعملوا بما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه.
وقوله: بقوة قال ، ابن عباس ، والحسن : بجد ومواظبة على طاعة الله واجتهاد، واذكروا ما فيه الكناية تعود إلى "ما" في قوله: ما آتيناكم، وهو التوراة، والمعنى: احفظوا ما في التوراة من الحلال والحرام، واعملوا بما فيه، وقيل: اذكروا ما فيه من الثواب والعقاب لعلكم تتقون لكي تتقوا محارمي فتتركوها. وقتادة
قوله تعالى: ثم توليتم أي: أعرضتم وعصيتم أمر الله وتركتم طاعته، (من بعد ذلك) من بعد أخذ الميثاق، فلولا فضل الله عليكم ورحمته بتأخير العذاب عنكم، لكنتم من الخاسرين بالعقوبة وذهاب الدنيا والآخرة.