الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون  وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين  

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى ولقد جاءكم موسى بالبينات يعني: العصا، واليد، وفلق البحر، وما أوتي موسى من الدلالات الواضحة، ثم اتخذتم العجل من بعده أي: من بعد انطلاقه إلى الجبل، وأنتم ظالمون، وهذه الآية توبيخ لليهود على كفرهم وعبادتهم العجل بعدما رأوا آيات موسى ، وبيان أنهم إن كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم فليس بأعجب من كفرهم في زمان موسى .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: (وإذ أخذنا ميثاقكم) مفسر فيما سبق إلى قوله: (واسمعوا) أي: ما فيه من حلاله وحرامه، قالوا سمعنا ما فيه، وعصينا ما أمرنا به.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 176 ] وقال الحسن : قالوا سمعنا بألسنتهم، وعصينا بقلوبهم، والمفسرون اتفقوا على أنهم قالوا: سمعنا لما أظل الجبل فوقهم، فلما كشف عنهم قالوا: عصينا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: وأشربوا في قلوبهم العجل الإشراب: خلط لون بلون، يقال: أبيض مشرب حمرة، إذا كان يخالطه حمرة.

                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو عبيدة ، والزجاج : معناه: سقوا حب العجل، وخلطوا به حتى اختلط بهم، وبين أن محل ذلك الحب قلوبهم، وأن الخلط حصل فيها، فأسند الفعل أولا إلى الجملة، ثم خص القلوب، كما تقول: ضربوا على رؤوسهم، وأراد: حب العجل، فحذف المضاف، كقوله تعالى: واسأل القرية .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: (بكفرهم) أي: باعتقادهم التشبيه، لأنهم طلبوا ما يتصور في نفوسهم.

                                                                                                                                                                                                                                      قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين معناه: إن كنتم مؤمنين فبئس الإيمان إيمان يأمركم بالكفر، وهذا تكذيب لهم، لأنهم كانوا يزعمون أنهم مؤمنون، وذلك أنهم قالوا: نؤمن بما أنزل علينا فكذبهم الله تعالى وعيرهم بعبادة العجل، وذلك أن آباءهم ادعوا الإيمان ثم عبدوا العجل.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية