يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم
قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا المراعاة: المراقبة وحفظ ما يكون من أحوال الشيء، يقال: راعنا سمعك، أي: اسمع منا حتى نفهمك وتفهم عنا، والعرب تقول: راعنا سمعك، وراعنا بسمعك. بمعنى واحد.
قال ، عن الكلبي : كان المسلمون يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم: راعنا سمعك، وكان هذا بلسان اليهود سبا قبيحا فيما بينهم، فلما سمعوا هذه الكلمة يقولونها لرسول الله صلى الله عليه وسلم أعجبتهم، فكانوا يأتونه ويقولون ذلك ويضحكون فيما بينهم، فسمعها ابن عباس سعد بن معاذ ، وكان يعرف لغتهم، فقال لليهود: عليكم لعنة الله، لئن سمعتها من رجل منكم يقولها [ ص: 187 ] لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأضربن عنقه. فقالت اليهود: أولستم تقولونها؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية ونهوا عن ذلك.
وهذا النهي اختص بذلك الوقت، لإجماع الأمة على جواز المخاطبة بهذا اللفظ الآن.
وقوله تعالى: وقولوا انظرنا أي: نظرت فلانا، أي: انتظرته، ومنه قوله تعالى: انظرونا نقتبس من نوركم ، ومعنى انظرنا: اصبر حتى نفهمك ما نقول، ويجوز أن يكون انظرنا أي: انظر إلينا، فحذف حرف الجر، أمروا أن يقولوا بدل راعنا: انظرنا.
قوله تعالى: (واسمعوا) أي: ما يقال لكم وما تؤمرون به، ومعناه: وأطيعوا؛ لأن الطاعة تحت السمع، وللكافرين يعني اليهود، "عذاب أليم".
قوله تعالى: (ما يود) أي: ما يحب وما يريد، الذين كفروا من أهل الكتاب يعني اليهود، ولا المشركين من العرب، أن ينزل عليكم من خير أي خير، من ربكم ومن: صلة مؤكدة، يريد: أنهم على إنزال القرآن عليكم، والله يختص يقال: خصه بالشيء واختصه به، إذا أفرده به دون غيره.
قوله تعالى: (برحمته) أي: نبوته، من يشاء يعني محمدا صلى الله عليه وسلم، والله ذو الفضل العظيم تفضل بالنبوة على محمد صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين بدينه الإسلام.