وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم
قوله تعالى: وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى أي: وقالت اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا، وقالت النصارى: لن يدخلها إلا من كان نصرانيا، والهود: هم اليهود، هادوا يهودون هودا، أي: تابوا من عبادة العجل، والهود: جمع هائد، مثل: حائل وحول، وفاره وفره، قال الله تعالى: تلك أمانيهم التي تمنوها على الله باطلا، قل هاتوا برهانكم أي: قربوا حجتكم على ما تقولون، إن كنتم صادقين في دعواكم.
بلى يدخل الجنة، من أسلم وجهه لله أي: يذل وجهه له في السجود، والمعنى: سلم وجهه له بأن [ ص: 193 ] صانه عن السجود لغيره، وهو محسن قال : مؤمن موحد، مصدق لما جاء به ابن عباس محمد عليه السلام، فله أجره الذي وعده الله له، عند ربه يعني الجنة، ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون .
قوله تعالى: وقالت اليهود ليست النصارى على شيء الآية، قال : قدم ابن عباس وفد نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنازعوا مع اليهود، فكذب كل واحد منهما صاحبه، فنزلت هذه الآية.
قوله تعالى: وهم يتلون الكتاب قال : يعني أن الفريقين يتلوان التوراة، وقد وقع بينهما هذا الاختلاف وكتابهم واحد، فدل بهذا على ضلالتهم. الزجاج
ثم بين أن سبيلهم كسبيل من لا يعلم الكتاب في الإنكار لدين الله من مشركي العرب وغيرهم فقال: كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم قال : يعني مشركي العرب قالوا: إن مقاتل محمدا وأصحابه ليسوا على شيء من الدين.
فالله يحكم بينهم يوم القيامة الآية، قال : أي: يريهم من يدخل الجنة عيانا ومن يدخل النار عيانا. الزجاج
قوله: "ومن أظلم" أي: وأي أحد أظلم، ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه يعني مشركي مكة، منعوا المسلمين من ذكر الله في المسجد الحرام ، "وسعى" عمل، في خرابها لأن عمارتها بالعبادة فيها، وكل من منع من عبادة الله في مسجد فقد سعى في خرابه، أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين قال ، في رواية ابن عباس : هذا وعد من الله لنبيه والمهاجرين، يقول: أفتح لكم عطاء مكة حتى تدخلوها آمنين وتكونوا أولى بها منهم.
[ ص: 194 ] "لهم في الدنيا خزي" يعني: القتل لمن أقام على الكفر، ولهم في الآخرة عذاب عظيم.