الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا  ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا  كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها  ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا  

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تقف ما ليس لك به علم يقال: قفا يقفو قفوا إذا اتبع الأثر.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الكلبي : لا تقل ما ليس لك به علم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال قتادة : لا تقل سمعت ولم تسمع، ورأيت ولم تر، وعلمت ولم تعلم.

                                                                                                                                                                                                                                      والمعنى: لا تقولن في شيء مما لا تعلم، إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا قال الوالبي ، عن ابن عباس :

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 108 ] يسأل الله العباد فيم استعملوها.

                                                                                                                                                                                                                                      في هذا زجر عن النظر إلى ما لا يحل  ، والاستماع إلى ما يحرم  ، وإرادة ما لا يجوز.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ولا تمش في الأرض مرحا المرح شدة الفرح، قال ابن عباس : يريد بالكبرياء والعظمة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزجاج : ولا تمش في الأرض مختالا فخورا.

                                                                                                                                                                                                                                      إنك لن تخرق الأرض الخرق الشق، يقال: خرق ثوبه إذا شقه.

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس : لن تخرق الأرض بكبرك ومشيك عليها.

                                                                                                                                                                                                                                      ولن تبلغ الجبال طولا بعظمتك وإنما أنت مخلوق عبد ذليل، والمعنى: أنك لا تقدر أن تثقب الأرض حتى تبلغ آخرها، ولا أن تطول الجبال، فلا تستحق الكبر والبذخ، كل ذلك إشارة إلى جميع ما تقدم ذكره مما أمر به ونهى عنه، كان سيئه قرئ -بالإضافة والتنوين-، قال الزجاج : والإضافة أحسن; لأن فيما تقدم من الآيات سيئا وحسنا، سيئه هو المكروه، ويقوى ذلك التذكير في المكروه.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ -بالتنوين- جعل كلا إحاطة بالمنهي عنه دون الحسن، المعنى: كل ما نهى الله عنه كان سيئة فكان مكروها، والمكروه على هذه القراءة بدل من السيئة، وليس بنعت.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ذلك مما أوحى إليك ربك يعني ما تقدم ذكره من الفرائض والسنن، من الحكمة من القرآن ومواعظه، ولا تجعل مع الله إلها آخر هذا خطاب لكل واحد من المؤمنين، كأنه قال: ولا تجعل أيها الإنسان.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية