الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ويقول الإنسان أإذا ما مت لسوف أخرج حيا  أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا  فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا  ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا  

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ويقول الإنسان معناه: الكافر الذي لا يؤمن بالبعث  ، أإذا ما مت لسوف أخرج حيا يقول ذلك استهزاء وتكذيبا منه بالبعث، قال ابن عباس في رواية عطاء : يعني الوليد بن المغيرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال في رواية الكلبي : نزلت في أبي بن خلف حين أخذ عظاما بالية يفتها بيده، ويقول: زعم محمد أن الله يبعثنا بعد ما نموت.

                                                                                                                                                                                                                                      فقال الله مجيبا لذلك الكافر: أولا يذكر الإنسان أولا يتذكر هذا الجاحد أول خلقه، فيستدل بالابتداء على الإعادة، وهو قوله: أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم أقسم أنه يحشرهم، فقال: فوربك لنحشرنهم أي: لنجمعنهم في المعاد، والشياطين وذلك أن كل كافر يحشر مع شيطانه في سلسلة، ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا يعني: في جهنم، وذلك أن حول الشيء يجوز أن يكون داخله، يقال: جلس القوم حول البيت إذا جلسوا داخله مطيفين به، وقوله: جثيا قال مجاهد : مستوقرين على الركب، جمع جاث، من قولهم: جثا على ركبته يجثوا جثوا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن عباس : جثيا جماعات.

                                                                                                                                                                                                                                      وهو قول مقاتل ، وهو جمع جثوة وجثوة، وهي المجموع من التراث والحجارة.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم لننزعن لنأخذن ولنخرجن، من كل شيعة من كل فرقة وجماعة، أيهم أشد على الرحمن عتيا أي: الأعتى فالأعتى منهم، قال الأحوص : بدئ بالأكابر جرما.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال قتادة : لننزعن من كل أهل دين قادتهم ورؤسائهم في الشر.

                                                                                                                                                                                                                                      والعتي هاهنا مصدر كالعتو، وهو التمرد في العصيان، وأما رفع أيهم، فقال الزجاج : فيه ثلاثة أقوال: أحدها أنه على الاستئناف ولننزعن يعمل في موضع من كل شيعة .

                                                                                                                                                                                                                                      هذا قول يونس ، وقال الخليل : أنه على معنى الذين يقال لهم: أيهم أشد على الرحمن عتيا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال سيبويه : أيهم هاهنا مبني على الضم، تقول: اضرب أيهم أفضل، تريد أيهم هو أفضل.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا يقال: صلى النار يصلاها صليا، أي: دخلها وقاسى حرها، يعني أن الأولى بها صليا الذين هم أشد على الرحمن عتيا على معنى الابتداء بهم دون أتباعهم، لأنهم كانوا رؤساء في الضلالة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية