وقوله: فأتبعوهم مشرقين فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم وأزلفنا ثم الآخرين وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم
فأتبعوهم مشرقين يعني: قوم فرعون أدركوا موسى وأصحابه حين شرقت الشمس.
وذلك قوله: فلما تراءى الجمعان أي: تقابلا بحيث يرى كل فريق منهم صاحبه، قال عاين بعضهم بعضا. مقاتل:
قال أصحاب موسى إنا لمدركون أي: سيدركنا جمع فرعون ولا طاقة لنا بهم.
قال موسى ثقة بنصر الله: كلا لن يدركونا، إن معي ربي ينصرني، سيهدين سيدلني على طريق النجاة.
فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق أي: فضرب، فانفلق، فانشق الماء اثني عشر طريقا، وقام الماء عن يمين الطريق، وعن يساره كالجبل العظيم، فذلك قوله: فكان كل فرق أي: كل قطعة من البحر، كالطود كالجبل.
العظيم وأزلفنا ثم الآخرين قربنا إلى البحر فرعون وقومه حتى أغرقناهم، قال قربنا فرعون وجنوده في مسلك بني إسرائيل إلى الغرق. مقاتل:
وذلك أنه لما تتابع آخر جنود فرعون في البحر وخرج آخر بني إسرائيل من البحر، أمر البحر فانطبق عليهم.
فذلك قوله: وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين إن في ذلك لآية إن في إهلاك فرعون وقومه عبرة لمن بعدهم، وما كان أكثرهم مؤمنين لم يكن أكثر أهل مصر مصدقين [ ص: 355 ] بتوحيد الله، ولم يكن آمن من أهل مصر غير آسية امرأة فرعون، وخربيل المؤمن، ومريم بنت موشا التي دلت على عظام يوسف.
وإن ربك لهو العزيز في انتقامه من أعدائه حين انتقم منهم، الرحيم بالمؤمنين حين أنجاهم من العذاب.