الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وأزلفت الجنة للمتقين  وبرزت الجحيم للغاوين  وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون  من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون  فكبكبوا فيها هم والغاوون  وجنود إبليس أجمعون قالوا وهم فيها يختصمون  تالله إن كنا لفي ضلال مبين  إذ [ ص: 357 ] نسويكم برب العالمين  وما أضلنا إلا المجرمون  فما لنا من شافعين  ولا صديق حميم فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين  إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين  وإن ربك لهو العزيز الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      وأزلفت الجنة للمتقين قربت الجنة لأولياء الله حتى نظروا إليها.

                                                                                                                                                                                                                                      وبرزت الجحيم أي: أظهرت وكشف الغطاء عنها، للغاوين الضالين عن الهدى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل لهم في ذلك اليوم على وجه التوبيخ: أين ما كنتم تعبدون من دون الله هل ينصرونكم يمنعونكم من العذاب، أو ينتصرون يمتنعون منه.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم يؤمر بهم فيلقون في النار، فذلك قوله: فكبكبوا فيها قال الزجاج: طرح بعضهم على بعض.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن قتيبة: ألقوا على رءوسهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مقاتل: قذفوا فيها هم والغاوون قال السدي: يعني الآلهة والمشركين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال عطاء: هم وما يعبدون من دون الله.

                                                                                                                                                                                                                                      وجنود إبليس أجمعون يعني: ذرية إبليس كلهم.

                                                                                                                                                                                                                                      قالوا يعني الغاوين، وهم فيها يختصمون مع معبوديهم: تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين والله ما كنا إلا في ضلال حيث سويناكم بالله فأعظمناكم وعدلناكم به.

                                                                                                                                                                                                                                      وما أضلنا عن الهدى إلا المجرمون قال مقاتل: الشياطين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الكلبي: إلا أولونا الذين اقتدينا بهم.

                                                                                                                                                                                                                                      فما لنا من شافعين من يشفع لنا من الملائكة والنبيين والمؤمنين، حيث يشفعون لأهل التوحيد.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا صديق حميم ذي قرابة يهمه أمرنا، والحميم القريب الذي توده ويودك، قال ابن عباس: إن المؤمن يشفع يوم القيامة للمؤمن المذنب.

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم، أنا الحسين بن محمد بن الحسن الثقفي، نا محمد بن الحسن بن علي اليقطيني، أنا أحمد بن عبد الواحد بن يزيد العقيلي، نا صفوان بن صالح، نا الوليد بن مسلم، نا من، سمع أبا الزبير يقول: أشهد لسمعت جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: " إن الرجل يقول في الجنة: ما فعل صديقي فلان، وصديقه الحميم، فيقول الله، عز وجل: أخرجوا له صديقه إلى الجنة، فيقول: من بقي فما لنا من شافعين ولا صديق حميم  ثم قالوا: فلو أن لنا كرة أي: رجعة إلى الدنيا، فنكون من المؤمنين المصدقين بالتوحيد، أي: لتحل لنا الشفاعة كما حلت لأهل التوحيد.

                                                                                                                                                                                                                                      إن في ذلك فيما أخبر من قصة إبراهيم، لآية لعبرة لمن بعدهم،

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية