ثم قال: وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين
وقال فرعون منكرا لما أتى به موسى عليه السلام من توحيد الله وعبادته: يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين يقول: أوقد النار على الطين حتى يصير اللبن آجرا، والمعنى: اعمل لي الآجر، فاجعل لي صرحا أي: قصرا عاليا مرتفعا، لعلي أطلع إلى إله موسى أي: أصعد إليه وأشرف عليه، وهذا إيهام من فرعون أن الذي يدعوه إليه موسى يجري مجراه في الحاجة إلى المكان والجهة، وإني لأظنه من الكاذبين في ادعائه إلها غيري، وأنه رسوله.
واستكبر هو وجنوده [ ص: 400 ] تعظموا عن الإيمان ولم ينقادوا للحق، "في الأرض" أرض مصر ، بغير الحق بالباطل والظلم، وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون لا يردون إلينا بالبعث للحساب والجزاء، ثم ذكر إهلاكه إياهم بالغرق، فقال: فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فطرحناهم في البحر، قال : يريد البحر المالح بحر القلزم، وقال عطاء : هو بحر من وراء قتادة مصر غرقهم الله فيه.
فانظر كيف كان عاقبة الظالمين حتى صاروا إلى الهلاك.
وجعلناهم أي: في الدنيا، أئمة قال : أئمة ضلالة، وقال ابن عباس الكلبي : قادة في الكفر والشرك، يقودون الناس إلى الشرك بالله، وهو قوله: ، ومقاتل يدعون إلى النار لأن من أطاعهم ضل ودخل النار.
ويوم القيامة لا ينصرون لا يمنعون من العذاب.
وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة مفسر في موضعين: في سورة هود ويوم القيامة هم من المقبوحين المبعدين الملعونين، من القبح وهو الإبعاد، قال : قبح الله فلانا قبحا وقبوحا، أي: أبعده من كل خير. أبو زيد
قال : يعني سواد الوجه وزرقة العين، وعلى هذا المقبوحين يكون بمعنى المقبحين. الكلبي