قوله: وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من [ ص: 401 ] نذير من قبلك لعلهم يتذكرون ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين
وما كنت بجانب الغربي الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أي حاضرا.
قال قتادة : يعني جبلا غربيا، وهو اختيار ، والسدي ، قال: وما كنت بجانب الجبل الغربي، وقال الزجاج : بجانب الوادي الغربي. الكلبي
قال رضي الله عنه: يريد حيث ناجى ابن عباس موسى ربه، وهو قوله: إذ قضينا إلى موسى الأمر عهدنا إليه وأحكمنا الأمر معه بالرسالة إلى فرعون وقومه، وما كنت من الشاهدين لذلك الأمر.
ولكنا أنشأنا قرونا خلقنا أمما من بعد موسى ، فتطاول عليهم العمر طالت عليهم المهلة، فنسوا عهد الله، وتركوا أمره، قال صاحب النظم: هذا الكلام يدل على أنه قد عهد إلى موسى وقومه عهودا في محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان به، فلما طال عليهم العمر، وخلفت القرون بعد القرون، نسوا تلك العهود، وتركوا الوفاء بها.
وقوله: وما كنت ثاويا أي مقيما، في أهل مدين كمقام موسى وشعيب عليهما السلام فيهم، تتلو عليهم آياتنا تذكرهم بالوعد والوعيد، قال : يقول لم تشهد مقاتل أهل مدين فتقرأ على أهل مكة خبرهم.
ولكنا كنا مرسلين أرسلناك إلى أهل مكة ، وأنزلنا عليك هذه الأخبار، ولولا ذلك لما علمتها، قال : المعنى أنك لم تشاهد قصص الأنبياء، وتليت عليك، ولكنا أوحيناها إليك، وقصصناها عليك. الزجاج
وما كنت بجانب الطور بناحية الجبل الذي كلم الله عليه موسى ، إذ نادينا قال : إن الله تعالى نادى: يا أمة محمد، قد أجبتكم قبل أن تدعوني، وأعطيتكم قبل أن تسألوني، وغفرت لكم قبل أن تستغفروني، ورحمتكم قبل أن تسترحموني. ابن عباس
ولكن رحمة من ربك ولكن رحمناك رحمة بإرسالك والوحي إليك، لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك يعني: أهل مكة ، لعلهم يتذكرون لكي يتعظوا.
ولولا أن تصيبهم مصيبة قال : يعني العذاب في الدنيا. مقاتل
بما قدمت أيديهم من المعاصي، يعني كفار مكة ، فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا هلا أرسلت إلينا رسولا، فنتبع آياتك يعني القرآن، ونكون من المؤمنين المصدقين بتوحيد الله، والمعنى: لولا أنهم يحتجون بترك الإرسال إليهم لعاجلناهم بالعقوبة بكفرهم، وجواب لولا محذوف تقديره ما ذكرنا.