الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون  وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين  أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون  وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين  

                                                                                                                                                                                                                                      الذين آتيناهم الكتاب من قبله من قبل القرآن، هم به يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم، قال السدي : يعني مسلمي اليهود ، عبد الله بن سلام ومن أسلم منهم، وقال مقاتل : يعني مسلمي أهل الإنجيل، وهم الذين قدموا مع جعفر بن أبي طالب من الحبشة ، ثم وصفهم الله، فقال: وإذا يتلى عليهم يعني القرآن، قالوا آمنا به صدقنا بالقرآن، إنه الحق من ربنا وذلك أن ذكر النبي كان مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل فلم يعاندوا.

                                                                                                                                                                                                                                      هؤلاء قالوا للقرآن: إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله من قبل القرآن، مسلمين مخلصين لله بالتوحيد، مؤمنين بمحمد أنه نبي حق، ثم أثنى عليهم خيرا، فقال: أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا مرة بتمسكهم بدينهم حتى إذا أدركوا محمدا صلى الله عليه وسلم آمنوا به، ومرة بإيمانهم به، وقال قتادة : بما صبروا على الكتاب الأول والكتاب الثاني.

                                                                                                                                                                                                                                      ويدرءون بالحسنة السيئة قال ابن عباس رضي الله عنه: يدفعون بشهادة أن لا إله إلا الله الشرك، وقال مقاتل : يدفعون ما يسمعون من الأذى والشتم من المشركين بالصفح والعفو.

                                                                                                                                                                                                                                      ومما رزقناهم من الأموال، ينفقون في طاعة الله.

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا سمعوا اللغو الباطل والشتم من المشركين، وذلك أنهم شتموهم حين آمنوا بمحمد عليه السلام، [ ص: 403 ] أعرضوا عنه فلم يردوا، وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم قال مقاتل : لنا ديننا ولكم دينكم، وذلك أنهم عيروهم بترك دينهم، وقال السدي : لما أسلم عبد الله بن سلام جعل اليهود يشتمونه، وهو يقول: سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين قال الزجاج : لم يرد والتحية، والمعنى أنهم قالوا: بيننا وبينكم المتاركة والسلام، وهذا قبل أن يؤمر المسلمون بالقتال، وكأنهم قالوا: أسلمتم منا لا نعارضكم بالشتم.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى قوله: لا نبتغي الجاهلين قال مقاتل : لا نريد أن نكون من أهل الخبل والسفه، وقال الكلبي : لا نحب الذي أنتم عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      ويكون التقدير لا نبتغي دين الجاهلين.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية