تفسير سورة لا أقسم بهذا البلد وهي مكية كلها
بسم الله الرحمن الرحيم
لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد ووالد وما ولد لقد خلقنا الإنسان في كبد أيحسب أن لن يقدر عليه أحد يقول أهلكت مالا لبدا أيحسب أن لم يره أحد ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين وهديناه النجدين فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة أولئك أصحاب الميمنة والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة عليهم نار مؤصدة
قوله : لا أقسم أي : أقسم بهذا البلد يعني : مكة وأنت حل بهذا البلد وهذا حين أحلت له مكة ساعة من النهار يوم الفتح .
تفسير : يقول : لا تؤاخذ بما فعلت فيه ، وليس عليك فيه ما على الناس مجاهد ووالد يعني : آدم وما ولد وهذا كله قسم .
لقد خلقنا الإنسان في كبد تفسير : يكابد عمل الدنيا ، وإذا كان مؤمنا كابد أيضا عمل الآخرة . قتادة
أيحسب أن لن يقدر عليه أحد يعني : ألا يقدر الله عليه ، وهذا المشرك يحسب أن لن يبعثه الله بعد الموت يقول أهلكت مالا لبدا كثيرا ، أي : [ ص: 134 ] أكلت وأتلفت ، فمن ذا الذي يحاسبني ؟ ! في تفسير . مجاهد
قال : (لبدا) هو من التلبيد ، كأن بعضه على بعض . محمد
أيحسب أن لم يره أحد أي : لم يره الله حين أهلك ذلك المال ، أي : بلى قد رآه الله .
ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين فالذي جعل ذلك قادر على أن يبعثه فيحاسبه وهديناه النجدين أي : بصرناه السبيلين : سبيل الهدى ، وسبيل الضلالة فلا اقتحم العقبة أي : لم يقتحم العقبة ، وهذا خبر ، أي : أنه لم يفعل .
قال : العرب تقول : لا فعل بمعنى لم يفعل . محمد
قال : وما أدراك ما العقبة يقوله للنبي عليه السلام أي : أنك لم تكن تدري حتى أعلمتك ما العقبة فك رقبة أي : عتق رقبة من الرق أو إطعام في يوم ذي مسغبة مجاعة يتيما ذا مقربة قرابة أو مسكينا ذا متربة يعني : اللاصق بالتراب من الحاجة ، في تفسير الحسن .
قال : من قرأ محمد فك رقبة فالمعنى : اقتحام العقبة فك رقبة أو إطعام ، وهو معنى قول يحيى . وقالوا : ترب الرجل تربا بإسكان الراء إذا لصق بالتراب ، وترب تربا بفتح الراء إذا افتقر ، وأترب إترابا إذا استغنى . قال الحسن : وقد علم الله -عز وجل- أن قوما يفعلون هذا الذي ذكر لا يريدون [ ص: 135 ] الله به ليسوا بمؤمنين ، فاشترط فقال : ثم كان الذي فعل) هذا من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر على ما أمرهم الله به وعما نهاهم عنه وتواصوا بالمرحمة بالتراحم فيما بينهم .
قال : (ثم) هاهنا في معنى الواو . محمد
أولئك أصحاب الميمنة يعني : الميامين على أنفسهم ، وهم أهل الجنة .
يحيى : عن ، عن المبارك بن فضالة الحسن قال : قال رسول الله عليه السلام : " من أعتق رقبة مؤمنة فهي فكاكه من النار " .
يحيى : عن الجارود ، عن ، عن عطية العوفي قال : قال رسول الله عليه السلام : " أبي سعيد الخدري أيما مسلم أطعم مسلما على جوع أطعمه الله يوم القيامة من ثمار الجنة " .
[ ص: 136 ] والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة أصحاب الشؤم على أنفسهم ، وهم أهل النار عليهم نار مؤصدة .
[ ص: 137 ]