الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون  فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون  وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين  فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين  ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل  فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون  فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين  وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمت ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون  

                                                                                                                                                                                                                                      0 ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات فأجدبت أرضهم ، وهلكت مواشيهم ، ونقصت ثمارهم ؛ فقالوا : هذا مما سحرنا به هذا الرجل .

                                                                                                                                                                                                                                      فإذا جاءتهم الحسنة العافية والرخاء قالوا لنا هذه أي : لنا جاءت ، ونحن أحق بها وإن تصبهم سيئة أي : شدة يطيروا بموسى ومن معه قالوا : إنما أصابنا هذا من شؤم موسى ومن معه ، قال الله : ألا إنما طائرهم عند الله يعني : عملهم هو محفوظ عليهم ؛ حتى يجازيهم به .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : المعنى : ألا إنما الشؤم الذي يلحقهم هو الذي وعدوا به في الآخرة ، لا ما ينالهم به في الدنيا ؛ وهو معنى قول يحيى .

                                                                                                                                                                                                                                      وقالوا مهما تأتنا به أي : ما تأتنا به : مهما و(ما) بمعنى واحد .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 139 ] فأرسلنا عليهم الطوفان الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      تفسير قتادة : الطوفان : الماء أرسله الله عليهم ؛  حتى قاموا فيه قياما ، فدعوا موسى ، فدعا ربه فكشف عنهم ، ثم عادوا لشر ما بحضرتهم ، فأرسل الله عليهم الجراد ،  فأكل عامة حروثهم وثمارهم ، فدعوا موسى فدعا ربه ، فكشف عنهم ، ثم عادوا لشر ما بحضرتهم ، فأرسل الله عليهم القمل وهو الدبى ؛ فأكل ما أبقى الجراد من حروثهم ولحسته ، فدعوا موسى فدعا ربه ، فكشف عنهم ، ثم عادوا لشر ما بحضرتهم ؛ فأرسل الله عليهم الضفادع ؛ حتى ملأ بها فرشهم وأفنيتهم فدعوا موسى ؛ فدعا ربه فكشف عنهم ، ثم عادوا لشر ما بحضرتهم ؛ فأرسل الله عليهم الدم فجعلوا لا يغترفون من مائهم إلا دما أحمر ؛ حتى لقد ذكر لنا أن فرعون جمع رجلين أحدهما إسرائيلي والآخر قبطي على إناء واحد ؛ فكان الذي يلي الإسرائيلي ماء ، والذي يلي القبطي دما ، فدعوا موسى ؛ فدعا ربه فكشف عنهم .

                                                                                                                                                                                                                                      آيات مفصلات كان العذاب يأتيهم ، فيكونون ثمانية أيام بلياليهن بين كل عذابين شهر .

                                                                                                                                                                                                                                      ولما وقع عليهم الرجز يعني : العذاب .

                                                                                                                                                                                                                                      إلى أجل هم بالغوه إلى يوم غرقهم الله في اليم إذا هم ينكثون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون يعني : أبناء بني إسرائيل مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وهي أرض الشام في تفسير الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                      وتمت كلمت ربك الحسنى يعني : ظهور قوم موسى على فرعون ؛  في [ ص: 140 ] تفسير مجاهد ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون يبنون .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية