الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين  ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين  

                                                                                                                                                                                                                                      0 وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر وهي : ذو القعدة وعشر ذي الحجة .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الكلبي : إن موسى لما قطع البحر ببني إسرائيل ، وغرق الله آل فرعون   - قالت بنو إسرائيل لموسى : يا موسى ، ائتنا بكتاب من ربنا كما وعدتنا ، وزعمت أنك تأتينا به إلى شهر ، فاختار موسى من قومه سبعين رجلا لينطلقوا معه ، فلما تجهزوا قال الله : يا موسى ، أخبر قومك أنك لن تأتيهم أربعين ليلة ، وذلك حين تمت بعشر ، فلما خرج موسى بالسبعين أمرهم أن ينتظروه [ ص: 141 ] في أسفل الجبل ، وصعد موسى الجبل ، فكلمه الله أربعين يوما وأربعين ليلة ، وكتب له فيها الألواح ، ثم إن بني إسرائيل عدوا عشرين يوما وعشرين ليلة ؛ فقالوا : قد أخلفنا موسى الوعد! وجعل لهم السامري العجل ؛ فعبدوه   .

                                                                                                                                                                                                                                      ولما جاء موسى لميقاتنا الآية ، قال الحسن : لما كلمه ربه ، دخل قلب موسى من السرور من كلام الله ما لم يصل إلى قلبه مثله قط ، فدعت موسى نفسه إلى أن يسأل ربه أن يريه نفسه ؛ ولو كان فيما عهد إليه قبل ذلك أنه لا يرى ، لم يسأل ربه بما يعلم أنه لا يعطيه إياه .

                                                                                                                                                                                                                                      قال رب أرني أنظر إليك فقال الله : لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا قال قتادة : تفتت الجبل بعضه على بعض .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : وقيل : جعله دكا ؛ أي : ألصقه بالأرض ؛ يقال : ناقة دكاء ؛ إذا لم يكن لها سنام . وقيل في قوله : تجلى أي : ظهر ، أو ظهر من أمره ما شاء وخر موسى صعقا أي : سقط ميتا .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : وقيل : (صعقا) : مغشيا عليه فلما أفاق يعني : رد الله إليه حياته .

                                                                                                                                                                                                                                      قال سبحانك تبت إليك أي : من قولي : أنظر إليك وأنا أول المؤمنين يعني : المصدقين بأنك لا ترى في الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 142 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية